للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلافات الداخلية، بدل أن يصرفوا طاقاتهم لصد خطر الأعداء. فنرى عبد الرحمن بن علقمة عامل أربونة أقصى ثغور الأندلس يشارك بجيشه ضد جيش بلج القشيري والتقى الجيشان في موقع (أقوة بر طوره) من إقليم ولبه، واستطاع عبد الرحمن بن علقمة من إصابة بلج مما أدى إلى موته في اليوم التالي، ولكن خسر عبد الرحمن العدد الكبير من جيشه (١٧٤)، فخسرت بذلك قاعدة أربونة خيرة المجاهدين (١٧٥).

رجع والي أربونة إلى قاعدته في عهد الوالي أبي الخطار، إلا أن عامل أربونة تمرد مرة ثانية على الوالي يوسف الفهري (١٢٩ - ١٣٨ هـ) مما أدى إلى مقتله، ففقدت قاعدة أربونة واليها الشجاع، وأصبحت عرضة لهجمات القوات الفرنسية التي استرجعتها عام ١٤١ هـ (١٧٦).

أما الجيش في عصر الإمارة ١٣٨ - ٣١٦ هـ، فبدأ الأمير الأول الداخل بإنشاء جيش يعتمد عليه في تثبيت حكمه وحشد له المتطوعة والمرتزقة من سائر الطوائف، وبلغت قواته نحو مائة ألف مقاتل، هذا عدا الحرس الخاص الذي يتكون من الموالي والبربر والرقيق الصقالبة، وقد بلغت قواته نحو أربعين ألف (١٧٧). وبدأ الداخل ينظر بعين الريبة إلى الجند العربي فأسقط ألويتهم بعد أن قامت ضده ثورات عربية أشهرها التي قادها العلاء بن مغيث (١٧٨). واعتمد الداخل بالدرجة الأولى على البربر بناءً على مشورة أحد أقربائه، وأحسن استقبال من وفد إليه من بربر العدوة الذين انخرطوا في جيش الداخل.

فكانوا يده الحديدية التي يضرب بها أعداءه (١٧٩)، كما استعان بعنصر الصقالبة الذين كانوا يشترون بالمال ويدربون على أعمال الفروسية والقتال وعلى الطاعة العمياء للدولة والإخلاص لها (١٨٠).


(١٧٤) ينظر، ابن عبد الحكم، فتوح، ص ١٠٠ - مجهول، أخبار مجموعة، ص ١٤١ - ٤٤ - ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٣٣.
(١٧٥) مؤنس، فجر الأندلس، ص ٢٨٧.
(١٧٦) ينظر، ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٣٨ - المقري، نفح، ج ٣، ص ٢٦ - السامرائي، الثغر الأعلى، ص ١٤٩.
(١٧٧) ينظر، المقري، نفح، ج ٣، ص ٣٧، ج ٤، ص ٣٦ - عنان، دولة الإسلام، ج ١، ص ٢٠٠.
(١٧٨) الحميري، الروض، ص ٣٦.
(١٧٩) ابن سعيد، المغرب، ج ١، ص ٦٠ - إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسي، ص ٢١.
(١٨٠) دوزي، تاريخ مسلمي إسبانيا، ج ١، ص ٢٣٥ - إبراهيم الدوري، عصر عبد الرحمن الداخل، ص ٢٥٠.

<<  <   >  >>