للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت خطة الهجوم التي تعتمدها القوات النصرية هي الغارات السريعة في عمق أرض العدو مع تجنب اللقاء بالجيش النظامي. وفي المعارك النظامية حافظ الفرسان المغاربة على الأساليب التقليدية، فاعتمدوا طريقة الكر والفر والدوران حول العدو ومباغتة نقاط الضعف فيه (٢٦٠).

البحرية:

لما كان مضيق جبل طارق فاصلاً بين عدوة المغرب وبلاد الأندلس، فإن الحملات الاستطلاعية الأولى التي قادها أبو زرعة طريف بن مالك، وحملات الفتح التي قادها طارق بن زياد وموسى بن نصير، ومن ثم تعاقب الجيوش من وإلى الأندلس، فإن كل هذه الأمور تحتاج إلى أساطيل كبيرة لنقل المجاهدين وخيولهم وعتادهم، ولم يقتصر الأمر في أداء هذه المهمة على مراكب يوليان حاكم سبتة (٢٦١)، ولا على مراكب تجار الروم التي كانت تختلف إلى الأندلس (٢٦٢).

بل كان الاعتماد الأول وقبل كل شيء على الأساطيل العربية التي كانت تحت إمرة موسى بن نصير على طول الساحل المغربي (٢٦٣). وقد قدمت دراسات مطولة حول هذا الأمر وحول إحراق طارق بن زياد للسفن، وكل أبدى رأيه (٢٦٤).

وعندما أكمل المسلمون فتح الأندلس (٩٢ - ٩٥ هـ) وبدأ عصر الولاة ٩٥ - ١٣٨ هـ أطلت جيوش المسلمين على سواحل أندلسية طويلة، تشرف على البحر المحيط (الأطلسي) وخليج بسكاي، وعلى البحر المتوسط، مما يجعلها عرضة لأي هجوم بحري أوروبي معادي. ولذا اعتمد المسلمون على دور الصناعة القديمة التي وجدوها في طرطوشة وطركونة ودانية وإشبيلية والجزيرة الخضراء، كما استفادوا من خدمات الخشب والحديد اللازمة لبناء السفن، فكان ذلك ولا زال موجوداً في الأندلس (٢٦٥).

ولدينا خبر يشير إلى توفر وجود السفن أو صناعتها في الأندلس بعد فتحها، مفاده أن


(٢٦٠) ينظر، ابن خلدون، المقدمة، ص ٢٧١ - فرحات، غرناطة، ص ٩٤.
(٢٦١) مجهول، أخبار مجموعة، ص ٦ - المقري، نفح، ج ١، ص ٢٣٨.
(٢٦٢) ابن عذاري، البيان، ج ١، ص ٨.
(٢٦٣) العبادي، دراسات، ص ١٧.
(٢٦٤) الحجي، التاريخ الأندلسي، ص ٦٢ - السامرائي، " طارق بن زياد بين الخطبة وإحراق السفن " مجلة آفاق جامعية عام ١٩٧٧.
(٢٦٥) ينظر، الحميري، الروض المعطار، ص ١٠٢، ص ١١٠، ص ١٢٤.

<<  <   >  >>