للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعركة (٢٥٤). واعتمد الجيش الموحدي على نظام التطوع أيضاً، وتسمى جموعهم بالمطوعة (٢٥٥).

وأهم ما تمتاز به الجيوش الموحدية تفوقها في فن الحصار، ومقدرتها على اقتحام المدن المنيعة، ورأينا لهم أمثلة بارزة في حوادث حصار وهران والمهدية بالمغرب، وحصار طرش وحصن القصر (قصر أبي دانس) وشلب بالأندلس. ومما يلفت النظر أن الموحدين لم يقتصروا على استعمال الآلات القديمة في الحصار، بل استعملوا آلات جديدة قاذفة، تقذف الحجارة والكرات الحديدية الملتهبة. فنراهم في حصار لبلة بالأندلس استخدموا آلات تقذف الحديد والحجارة على القوات الإسبانية، وكان يصحبها دوي كالرعد (٢٥٦).

وفي مملكة غرناطة، يتألف الجيش النصري من أقسام أو مجاميع. وكل مجموعة تتألف من خمسة آلاف محارب لها أمير، ولها راية كبيرة تميزها، والمجموعة تقسم إلى خمس وحدات، وكل وحدة تتألف من ألف محارب لها قائد، ولها علم أصغر حجماً من الراية. ثم إن كل وحدة تقسم بدورها إلى خمس فرق، وقوام كل فرقة مئتا محارب يقودها نقيب يحمل لواء الفرقة. والفرقة تقسم إلى خمسة أقسام صغيرة، كل قسم يتألف من أربعين رجلاً، وعلى رأس كل قسم عريف يحمل بنداً مميزاً. والقسم يتفرع إلى مجموعات أو زمر تتألف من ثمانية جنود يرأسها نظير، ويربط في رأس رمحه قطعة قماش تسمى العقدة، والتحرك العسكري لهذه الأقسام يجري وفق أوامر تصل من الأعلى إلى الأدنى (٢٥٧).

ويلتحق بالجيش مجموعة الأدلاء الذين كانوا في الغالب من سكان المناطق الحدودية ذوي الخبرة بمسالك البلاد. كما كان سلاطين غرناطة يبثون العيون داخل الممالك الإسبانية لمعرفة أخبارها وبخاصة العسكرية؛ ويمنحون عيونهم هؤلاء المكافآت ويعفونهم من الضرائب لأنهم في الغالب ما يكونون من التجار اليهود والإسبان (٢٥٨).

وقد زودتنا بعض الروايات بملابس وأسلحة الجيش النصري وفرسان مشيخة الغزاة (٢٥٩).


(٢٥٤) الحلل الموشية، ص ١١٥.
(٢٥٥) عنان، عصر الموحدين، ص ٦٣٧.
(٢٥٦) عنان، عصر الموحدين، ص ٤٩٣، ص ٦٤٠.
(٢٥٧) فرحات، غرناطة، ص ٩١ - ٩٢.
(٢٥٨) أيضاً، ص ٩١.
(٢٥٩) ابن الخطيب، اللمحة البدرية، ص ٢٣ - المقري، نفح؛ ج ١، ص ٢٢٣.

<<  <   >  >>