للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزيارة البركة والتشجيع (٢٥١). واعتمدت الجيوش الموحدية خطة المربع في التعبئة العسكرية وخلاصتها: تصنع دارة مربعة في بسيط المعركة، يقف من جهاتها الأربع صف من الرجال بأيديهم القنا الطوال، ومن ورائهم أصحاب الدروق والحراب صفاً ثانياً، ومن ورائهم أصحاب المخالي المملوءة بالحجارة صفاً ثالثاً، ومن وراء هؤلاء الرماة رابعاً. وفي وسط المربعة ترابط قوى الفرسان. وكانت صفوف الفرسان تخصص لها أمكنة معينة في جميع جوانب المربع، وتفتح لها مخاريج سريعة تستطيع أن تنطلق منها ثم تعود إلى أماكنها الداخلية دون أن تخل بنظام المشاة.

وعند المعركة يقوم بالهجوم الأول قوات المتطوعة المجاهدة، تؤازرها القوات الخفيفة، فإذا استطاع العدو أن يرد هؤلاء، وأن يتقدم حتى مواقف الجنود النظامية، وقف حملة الحراب أمامه كالسد الحديدي الذي لا يخترق، واستقبله الرماة من حملة القسي والنبال بسيل من الحجارة والسهام. وإذا استطاع العدو أن يخترق الصف الأول وهم حملة الحراب استقبله حملة السيوف والدروع، ويبادر الفرسان إلى معاونتهم. وإذا استطاع العدو بعد كل ما تقدم، أن يتغلب على القلب والجناحين، فعندئذ يقوم الجيش الموحدي بالضربة الأخيرة، وتتقدم قوات الضلع الرابع من المربع وهي الاحتياطي المكون من صفوة الجند ولا سيما الحرس الخاص ويقودها الخليفة بنفسه، وهذه القوة الاحتياطية (الساقة) كثيراً ما تحرز النصر للقوات الموحدية، وكانت هذه القوة كثيراً ما تمتنع داخل نطاق من السلاسل الحديدية، تبرز من خلالها الحراب الطويلة، فتتصدى للعدو في حالة الاقتراب منها (٢٥٢). وعندما يعبئ الخليفة الموحدي جيشه للقتال تنصب له قبة حمراء يرفع فوقها العلم الموحدي الأبيض، وتحاط بالسلاسل الحديدية الضخمة، وعادة تضرب هذه القبة في مؤخرة الجيش، ويحف بها الحرس الخاص الذين يحملون الرماح الطويلة. وكان الخليفة الموحدي متى ما رأى قواته خلال المعركة في حاجة إلى العون يقود الساقة (المؤخرة) بنفسه ويشد أزر قواته، ويعاونها بذلك على إحراز النصر.

وقد تقع الكارثة فيهلك الخليفة كما حدث لأبي يعقوب يوسف في نكبة شنترين، أو يلجأ إلى الفرار، كما حدث للناصر في موقعة العقاب (٢٥٣).

واستعملت الطبول في الجيش الموحدي، وكانت تضرب عند الرحيل وعند بدء


(٢٥١) ينظر، عنان، عصر الموحدين، ص ٦٣٨.
(٢٥٢) ينظر، أشباخ، تاريخ الأندلس، ص ٤٤٨، عنان، عصر الموحدين، ص ٦٣٤.
(٢٥٣) عنان، عصر الموحدين، ص ٦٣٦ - ينظر، روض القرطاس، ص ٢٣٩.

<<  <   >  >>