للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كله يرتب الصفوف ويعد العدة لكل احتمال حتى أنه غير مواضع قواته دون أن يشعر به أحد (٢٤٤). وعندما تقدمت طلائع الإسبان بقيادة البرهانس وهاجمت القوات الأندلسية من أجل القضاء عليها لكي تتفرغ لمهاجمة الجيش المرابطي والقضاء عليه (٢٤٥). إلا أن يوسف بن تاشفين أنقذ الجيش الأندلسي بإمداده بقوات مرابطية بقيادة داود بن عائشة، وأردفها بأخرى بقيادة سير بن أبي بكر (٢٤٦)، وعمل يوسف بن تاشفين على تطويل المعركة من أجل إجبار الإسبان على ترك مواقعهم. وبالفعل تركت الجيوش الإسبانية مواقعها وتتبعت قوات أهل الأندلس، فباغت أمير المرابطين معسكر الإسبان من الخلف واستولى عليه وأضرم فيه النار، فاضطرت القوات الإسبانية إلى التراجع لإنقاذ معسكرها. وما كاد جيش أهل الأندلس يعلم بذلك حتى انقلب من الفرار إلى الهجوم وأطبق على الإسبان من الخلف، فأصبحوا بين القوات الأندلسية والقوات المرابطية (٢٤٧). وأردف بطل المعركة هذه الخطة، بخطط عسكرية أخرى ألقت الرعب في صفوف الإسبان، فقد نظم يوسف بن تاشفين فرق من المشاة السودان المسلحين بالسهام ودرق اللمط (٢٤٨)، والذين طعنوا خيول الإسبان بسهامهم فجمحت بركابها وولت الأدبار، كما تتبع بعضهم الفونسو السادس وطعنه في إحدى ركبتيه (٢٤٩). كما استعمل يوسف بن تاشفين الجمال التي أرعبت خيول الإسبان، واستعمل الطبول التي كان لها دويّ مرعب تهتز له الأرض، وترتعد له فرائص الفرسان (٢٥٠).

ومعنى هذا أنه طبق معظم الخطط العسكرية المرابطية في هذه المعركة التي أحرز بها المسلمون النصر المبين على مملكة قشتالة عام ٤٧٩ هـ.

واهتمت الدولة الموحدية بالجيش وأوكلت شؤونه إلى ديوانين، الأول يسمى ديوان العسكر ويشرف على كل ما يتعلق بشؤون الجيش، والثاني ديوان التمييز، وهو جهاز تطهير الخصوم والمتخاذلين وإبعادهم من الجيش. وكان الخليفة الموحدي عندما يعتزم الجهاد يقوم بزيارة قبر مهدي الموحدين، وقبور آبائه في منطقة تينملل، يستمد من هذه


(٢٤٤) ابن أبي زرع، روض القرطاس، ص ٩٤.
(٢٤٥) محمود، قيام دولة المرابطين، ص ٢٧٧.
(٢٤٦) ابن عذاري، البيان، ج ٤، ص ١٣٨ - الحميري، الروض المعطار، ص ٩٢.
(٢٤٧) ابن أبي زرع، روض القرطاس، ص ٩٥ - ٩٦ - السامرائي، علاقات، ص ١٧٨.
(٢٤٨) ابن خلكان، وفيات، ج ٢، ص ٣٦٧.
(٢٤٩) ابن عذاري، البيان، ج ٤، ص ١٣٨.
(٢٥٠) السامرائي، علاقات، ص ١٧٩.

<<  <   >  >>