للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليضعفوا قلوب المسلمين (٢٣٧). وسنتياجو هذا هو القديس يعقوب أحد أتباع السيد المسيح عليه السلام، الذي اخترع الإسبان وجوده في أقصى شمال غربي إسبانيا لتعزيز مقاومتهم ضد المسلمين، وقامت حول هذا المزار مدينة نمت بسرعة هي مدينة شنت ياقب المقدسة (٢٣٨)، وغدا هذا المزار من أشهر المزارات الإسبانية. وعندما يفكر الإسباني في سنتياجو فإن قلبه ينبض بالعزة الوطنية وتتملكه الحماسة الدينية (٢٣٩). وقد أقسم أكثر من ملك أو قائد إسباني بأنه رأى سنتياجو رأي العين قبل المعركة أو خلالها ممتطياً جواداً أبيض وملوحاً بسيف براق، ثم يأخذ في معاونتهم على قتال المسلمين في المعركة حتى يكتب لهم النصر، ولهذا أطلقوا عليه إسم قاتل المسلمين (٢٤٠).

وقد زودتنا الروايات بمعلومات جيدة عن تعبئة الجيش الأندلسي عند لقاء العدو، حيث يتقدم الرجالة بدروعهم ورماحهم الطوال، وخلفهم الرماة المهرة، ثم تليهم الخيالة. كما وصفت هذه الروايات التعبئة العسكرية التي يتمسك بها كل قسم من أقسام هذا الجيش، وأشارت إلى وجود مبارزات فردية قبل وقوع المعركة (٢٤١). وقد وضحت صور التعبئة العسكرية الأندلسية عندما أصبحت الأندلس ولاية مرابطية وولاية موحدية.

كان ترتيب المعركة عند المرابطين يقوم على نظام خماسي، فيتقدم الجيش الجند المشاة ووحدات الفرسان الخفيفة وحملة القسي والرماة، ويرتبون في الجناحين.

ويتكون القلب من وحدات الفرسان الثقيلة، وهي التي تحسم المعركة عموماً، وكانت قوات المؤخرة يقودها أمير المسلمين -إذا كان مصاحباً للجيش- أو قائده المكلف، وتتألف من صفوة الجند وقوى الحرس الخاصة، وكان لكل قسم من القوات المقاتلة قائده الخاص (٢٤٢). وقد طبق هذا النظام أمير المسلمين يوسف بن تاشفين في معركة الزلاقة. فقسم الجيش إلى مقدمة وعليها المعتمد بن عباد، وميمنة وعليها المتوكل بن الأفطس، وميسرة وعليها أهل شرقي الأندلس ومؤخرة وعليها سائر أهل الأندلس. أما المرابطون فجعلهم في كمائن متفرقة تخرج من كل جهة عند اللقاء (٢٤٣). وقد قضى الليل


(٢٣٧) ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ١٧٧.
(٢٣٨) الحميري، الروض المعطار، ص ١١٥.
(٢٣٩) لودر، إسبانية شعبها وأرضها، ص ٦١.
(٢٤٠) السامرائي، " التعبئة العسكرية "، ص ٤١.
(٢٤١) الطرطوشي، سراج الملوك، ص ٣٣١ وما بعدها.
(٢٤٢) عنان، عصر المرابطين، ص ٤١٨ - ٤١٩.
(٢٤٣) الحلل الموشية، ص ٤٧.

<<  <   >  >>