للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنشأوا الرباطات على السواحل وأصبحت مركزاً للجهاد (٢٨٩)، وكانت النتيجة المهمة هي إنشاء دار صناعة إشبيلية، وإنشاء المراكب، وزودها بالآلات وقوارير النفط، ووسع على رجال البحر المدربين (٢٩٠).

وفي عهد الأمير محمد الأول (٢٣٨ - ٢٧٣ هـ) عاد النورمان مرة أخرى وهاجموا ساحل الأندلس في (٦٢) مركباً عام ٢٤٥ هـ، فوجدوا هذه السواحل قد حرست بالسفن الحربية، وحاولوا اختراق نهر إشبيلية فلم يفلحوا، ثم واصلوا سيرهم إلى الجزيرة الخضراء وأحرقوا مسجد الرايات فيها، ثم عاثوا فساداً في الساحل الإفريقي، ثم توجهوا صوب الساحل الشرقي للأندلس، فاشتبكوا مع القوات الأندلسية في عدة معارك بحرية وبرية، ثم ساروا إلى بلاد فرنسا، وأمضوا فصل الشتاء هناك، ثم رجعوا إلى الجنوب بمحاذاة الساحل الشرقي للأندلس (٢٩١). وأثناء رجوع سفن النورمان هذه هاجمتها الأساطيل الأندلسية عند مدينة شذونة، وأسرت مركبين من مراكبهم (٢٩٢)، وأحرقت مركبين آخرين، واستشهد جماعة من المسلمين (٢٩٣). ثم سارت مراكب النورمان شمالاً وهاجمت بنبلونة عاصمة النافار وأسرت ملكها غرسية بن ونقة، والذي افتدى نفسه بالمال (٢٩٤). ثم ظهر النورمان مرة ثانية في عهد هذا الأمير عام ٢٤٧ هـ قرب شواطئ الأندلس، لكنهم وجدوا هذه السواحل قد حرست بالسفن الحربية، كما أن أمواج البحر دمرت لهم ١٤ مركباً ولم يظفروا بشيء ورجعوا إلى بلادهم (٢٩٥).

وفي عهد الأمير عبد الله (٢٧٥ - ٣٠٠ هـ) قام جماعة من المجاهدين الأندلسيين يقدرون بحوالي عشرين شخصاً في عام ٢٧٦ هـ، ونزلوا الساحل الفرنسي، ولجأوا إلى غابة كثيفة، ثم سيطروا على المناطق المجاورة واستقروا بها، ودعوا إخوانهم من الثغور البحرية للقدوم إليهم، وأرسلوا في طلب العون والتأييد من حكومات المغرب


(٢٨٩) مؤنس، غارات، ص ٤١ - العبادي، دراسات، ص ٢٩٦ وما بعدها.
(٢٩٠) ابن القوطية، تاريخ، ص ٨٨ - العبادي، دراسات، ص ٢٦٣.
(٢٩١) ينظر، العذري، نصوص، ص ١١٩ - ابن حيان، المقتبس، ج ٢، ص ٣٠٨ - ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٩٧ - ابن الخطيب، تاريخ المغرب العربي - ص ١٧٣ - ١٧٤.
(٢٩٢) النويري، نهاية الأرب، ج ٢٢، ص ٥٤.
(٢٩٣) ابن الأثير، الكامل، ج ٧، ص ٩٠.
(٢٩٤) ابن حيان، المقتبس، ج ٢، ص ٣٠٩ - العذري، نصوص، ص ١١٩ - السامرائي، الثغر الأعلى، ص ٢٨٠.
(٢٩٥) ابن حيان، المقتبس، ج ٢، ص ٣١١ - العذري، نصوص، ص ١١٩.

<<  <   >  >>