للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عطية عام ٣٨٩ هـ. وكانت مدينة سبتة هي القاعدة البحرية الرئيسية للعمليات الحربية الأندلسية في المغرب، فقد اهتم المنصور بتحصينها وتزويدها بالرجال والسلاح (٣١٦).

واستخدم الحاجب المنصور بعض وحدات الأسطول في حملاته على ساحل قطلونية عام ٣٧٤ هـ، وفي نقل المشاة من جنوده في المحيط الأطلسي في حملته على جليقية عام ٣٨٧ هـ وهي الحملة التي دمرت مدينة شنت ياقب (٣١٧). وفي عام ٣٨٧ هـ أنشأ المنصور أسطولاً كبيراً في الموضع المعروف بقصر أبي دانس وحمل الأقوات والأسلحة إليه وجهزه بالبحارة المشهورين (٣١٨). وبعد أن تخلص المنصور من قادة البحر المشهورين عبد الرحمن بن رماحس، وغالب بن عبد الرحمن، لم يتول إمرة البحر من بعدهم ممن يملك كفاءتهم، فبدأ الأسطول الأندلسي بالأفول (٣١٩).

وجاء عصر الطوائف، وتقاسم ملوكه ورثة الأسطول الأندلسي واقتصر النشاط البحري على مراكز المرية ودانية والجزائر الشرقية في الشرق، وإشبيلية في الغرب.

استمرت المرية في رعايتها للأسطول سواء في ظل الزعيم الصقلي خيران العامري وأخيه زهير أو في ظل بني صمادح، ولكن هذا الأسطول لم يقم بعمل عسكري بحري كبير كما قام به أسطول دانية والجزائر الشرقية، ما عدا استخدامه للهروب إلى عدوة المغرب من قبل حاكم المرية معز الدولة بن المعتصم بن صمادح عام ٤٨٤ هـ.

استهوى البحر الأمير مجاهد العامري (٤٠٠ - ٤٣٦ هـ)، وقرر أن يمد نفوذه البحري وراء هذه الجزائر، وكان نظره يصبو إلى سردينية. فجدد دار الصناعة القديمة. واستكثر السفن والمعدات الحربية. وبدأ مشروعه عام ٤٠٦ هـ، حيث سار بأسطول مؤلف من ١٢٠ مركباً بأحجام مختلفة، وأعطى قيادته لأمير البحر (أبي خروب). وكانت المسافة بين دانية والجزائر الشرقية وبين سردينية تستغرق ثمانية أيام (٣٢٠). وعندما وصل الأسطول الأندلسي لقي مقاومة من أهل الجزيرة، إلا أن القوات الأندلسية استطاعت فتح الجزيرة (٣٢١). وتم ذلك في ربيع الثاني عام ٤٠٦ هـ وبدأ مجاهد بتأسيس مدينة فيها،


(٣١٦) أبو الفضل، تاريخ مدينة المرية، ص ٧٣.
(٣١٧) ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٢٩٥.
(٣١٨) العبادي، دراسات، ص ٢٨٩.
(٣١٩) ينظر، العذري، نصوص، ص ٨٢.
(٣٢٠) ينظر، ابن الخطيب، أعمال، ص ٢١٩ - عنان، دول الطوائف، ص ١٩٠.
(٣٢١) جذوة المقتبس، ص ٣٥٣.

<<  <   >  >>