للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين علي بن يوسف المبيت فيها ليلاً، وذلك كإجراء وقائي من خطر اليهود (٤٣٥).

كما شهدت منطقة المغرب العربي في ظل المرابطين وفود طائفة جديدة من النصارى المعاهدين الذين غُرِّبوا من الأندلس عام ٥٢٠ هـ، وذلك نتيجة تعاون هؤلاء مع ألفونسو الأول المحارب ملك أرغون أثناء حملته المدمرة على الأندلس ٥١٩ هـ، وقد أفتى قاضي الجماعة أبو الوليد محمد بن رشد بتغريبهم ونفيهم إلى المغرب (٤٣٦).

ولا ينكر أن هذا التغريب لم يشمل جميع المعاهدين، كما أن أمراء المرابطين حرصوا على حسن الرعاية لهؤلاء سواء في الأندلس أو المغرب. فقد حصل أن معاهدي غرناطة رفعوا عريضة إلى علي بن يوسف ضد عاملها المرابطي (أبو عمر حفيد يوسف بن تاشفين) يحتجون فيها على سوء سيرته معهم، فاستدعاه علي إلى مراكش وأحاله إلى جلسة تحقيقية انتهت بالحكم عليه بالسجن (٤٣٧).

إزاء هذه الأحداث، أشارت بعض المراجع إلى أن أهل الذمة عاشوا مضطهدين في دولة المرابطين (٤٣٨). ولكن الأمر لا يعدو، وكما بيناه أعلاه، إلا احتياطات ضرورية للأمن، إضافة إلى أنّ اليهود والمسيحيين عملوا في جباية الأموال في ظل دولة المرابطين (٤٣٩).

ثم مال المرابطون إلى ألوان الترف بعد اختلاطهم بالأندلسيين واطلاعهم على أساليب الحياة في المدن الأندلسية، وبخاصة وأن عهد الطوائف عرف صوراً كثيرة من المجون والخلاعة (٤٤٠)، مما جعلهم يتأثرون بحياة الرفاهية والمتعة التي كان يحياها أبناء الأندلس (٤٤١). وقد استنكر محمد بن تومرت هذه الأحوال على المرابطين وحاربها بشتى الوسائل (٤٤٢).

ولما كان اللثام شعار المرابطين، فقد اتخذ بعض العامة وبخاصة في الأندلس اللثام


(٤٣٥) عبد العواد، الحياة الإدارية، ص ٤١٤.
(٤٣٦) ابن الآبار، المعجم، ص ١٦٠ - سالم، قرطبة، ج ١، ص ١٤٤.
(٤٣٧) ميراندة، " علي بن يوسف "، ص ١٧٤ - ١٧٥.
(٤٣٨) ينظر، حتي، تاريخ العرب، ج ٢، ص ٦٤٦ - بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية، ج ٢، ص ١٨٨ - عبد البديع، الإسلام في إسبانية، ص ٣٤ - ٣٥.
(٤٣٩) أشباخ، تاريخ الأندلس، ج ٢، ص ٢٣٨.
(٤٤٠) أحمد ضيف، بلاغة العرب في الأندلس، ص ٤٣.
(٤٤١) حسن أحمد محمود، قيام دولة المرابطين، ص ٤٢٢ - ٤٢٣.
(٤٤٢) السامرائي، علاقات، ص ٤٦٤.

<<  <   >  >>