للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تقتصر حركة المقاومة الاسبانية للفتح العربي الإسلامي على منطقة الصخرة في الأشتوريش، بل كانت هناك بؤر أخرى للمقاومة تركزت في جبال ألبرت، وامتدت على طول الساحل إلى الغرب في جبال كنتبرية. وقد تمركزت أول هذه التجمعات في الطرف الشرقي من هذه الجبال، تحت زعامة بطْرُة Pedro الذي أنشأ إمارة سميت بإمارة كنتبرية. وكان هذا التجمع قليل الأهمية في أول الأمر، ولكن أصبح له شأن كبير، خاصة بعد زواج ألفونسو الأول، ابن بطرة، من ابنة بلاي. وقد كانت هذه الإمارة، ومنطقة جبال ألبرت، وبلاد الباسك أو البشكنس، هدفاً للقوات الإسلامية المتجهة إلى جنوب فرنسا. فعندما سار عبد الرحمن الغافقي إلى فرنسا، اتخذ مدينة بنبلونة قاعدة له، فاستعرض فيها جنده وحثهم على الجهاد. وكذلك فقد هاجم كل من عبد الملك بن قطن في ولايته الأولى ١١٤ - ١١٦هـ/ ٧٣٢ - ٧٣٤ م، وعقبة بن الحجاج السلولي بلاد البشكنس ودخلا العاصمة بنبلونة (٧). وتدل هذه الحملات المبكرة على بلاد البشكنس إلى ازدياد خطرهم، خاصة بعد اندحار المسلمين في معركة بلاط الشهداء سنة ١١٤هـ/ ٧٣٢ م. وقد اشتدت مقاومة البشكنس في عهد آخر ولاة الأندلس يوسف بن عبد الرحمن الفهري. وربما كان للنجاح الذي أحرزتهُ جماعة بلاي في جليقية أثر على ذلك (٨).

ويذكر مؤلف كتاب أخبار مجموعة، أن أهالي بنبلونة نقضوا عهدهم مع المسلمين بنقض أهل جليقية (٩). ولهذا فقد أرسل إليهم يوسف الفهري حملة خرجت من مدينة سرقسطة. ولكن أبناء الباسك الجبليون استطاعوا التغلب على هذه الحملة التي كانت قليلة العدد (١٠). وهكذا ازدادت قوة المقاومة في هذه المنطقة في أواخر عصر الولاة، واستمرت خلال عصر الإمارة.

ب - توغل العرب ونشاطهم فى جنوب فرنسا:

تفصل جبال ألبرت أو البرتات، وهي التي تعرف خطأ باسم البرانس، إسبانيا عن جنوب فرنسا. وكانت هذه المنطقة الجنوبية من فرنسا تسمى بغالة Gaul. وهي تتألف من عدة ولايات، كولاية سبتمانية، وتعني المقاطعة ذات المدن السبع، منها أرْبُونة


(٧) أخبار مجموعة، ص ٢٨؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٢٩.
(٨) خليل السامرائي، الثغر الأعلى الأندلسي، ص ١٠٠.
(٩) أخبار مجموعة، ص ٧٦.
(١٠) أخبار مجموعة، ص ٧٦؛ دوزي، تاريخ مسلمي إسبانيا، ترجمة: حسن حبشي وآخرون، القاهرة، ١٩٦٣، ج ١، ص ١٩٨ - ١٩٩.

<<  <   >  >>