للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمير الحكم) (٤٩٩).

وكان الموقف الصلب الذي وقفه القاضي سليمان بن الأسود الغافقي في وجه الأمير محمد والي ماردة، في عهد أبيه الأمير عبد الرحمن، في قضية الجارية التي تعود لليهودي، هذا الموقف هو الذي دفع الأمير محمد عندما تولى الحكم أن يعين هذا القاضي، قاضياً للجماعة بقرطبة (٥٠٠).

٧ - كان قضاة الأندلس، وبالذات قاضي الجماعة، إذا أشكل عليهم أمرٌ قضائي أو فقهي، استعانوا برأي زملائهم قضاة المشرق، وهذا يدل بوضوح على الصلات الفكرية المتصلة التي تتجاوز الخلافات السياسية. فنرى القاضي يحيى بن معمر قاضي الأمير عبد الرحمن الداخل إذا أشكل عليه أمرٌ كتب به إلى القاضي أصبغ بن الفرج وزملائه في مصر. وكذلك القاضي محمد بن بشير المعافري قاضي الأمير الحكم إذا أشكل عليه الأمر كتب إلى القاضي عبد الرحمن بن القاسم. هذا بالإضافة إلى رحلة بعضهم إلى المشرق بنفسه كرحلة القاضي عامر بن معاوية قاضي الأمير المنذر (٥٠١).

٨ - من المعروف لدينا، أن علماء الأندلس عموماً كانوا يشدون الرحال إلى المشرق للتزود بالعلوم ومن ثم الرجوع إلى الأندلس لينشروها في ربوع بلادهم. ولكن وجد لدينا ومن خلال دراسة نظام القضاء في عصر الإمارة، ونظراً للمكانة الجليلة التي وصل إليها قاضي الجماعة في قرطبة، أن علماء من المشرق رحلوا على الأندلس، وأخذوا منه العلم، أمثال القاضي معاوية بن صالح الحضرمي الذي رحل إليه زيد بن الحباب من الكوفة فسمع منه بالأندلس حديثاً كثيراً (٥٠٢).

٩ - وجد خلال دراستنا للقضاء في هذا العصر تهاون بعض القضاة في أحكامهم مما دفع الأمراء إلى عزلهم والاستغناء عن خدماتهم، وهذا التهاون تراوح بين الاستعجال في الأحكام مثل القاضي معاذ بن عثمان الشعباني (٥٠٣)، أو التهاون في إقامة حد شرعي، كتهاون القاضي محمد بن زياد اللخمي في سفك دم ابن أخ عجب حظية


(٤٩٩) النباهي، المرقبة العليا، ص ٤٨ - ٤٩ - الخشني، قضاة قرطبة، ص ٢٩.
(٥٠٠) ينظر، أيضاً، ص ٥٦ - ٥٧ - أيضاً، ص ٧٣.
(٥٠١) ينظر، النباهي، المرقبة العليا، ص ٤٥، ص ٤٨ - الخشني، قضاة قرطبة، ص ٣٥، ص ٩٠.
(٥٠٢) النباهي، المرقبة العليا، ص ٤٣.
(٥٠٣) النباهي، المرقبة العليا، ص ٥٥.

<<  <   >  >>