للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أصبحت الأندلس ولاية موحدية، وتميز النظام القضائي فيها بعدة مميزات وأهمها:

١ - يقوم الخليفة الموحدي بتعيين قضاة الجماعة في سائر المدن الكبرى، دون تدخل ولاة هذه المدن. وشمل هذا الإجراء الأندلس التي يعين لها قضاة من أبنائها، إلا أن الدولة الموحدية أحياناً تولي القضاء ببعض المدن الأندلسية بعض المشهورين من قضاة المغرب، ومثال على ذلك أن أبا عبد الله محمد بن يخلفتين التلمساني ولي قضاء مرسية ثم قضاء قرطبة، وأن ابن جبل الهمداني من أهل وهران ولي قضاء إشبيلية عام ٥٩٢ هـ (٥٤٥). وفي الوقت نفسه كان الخليفة الموحدي يختار لقضاء الجماعة بمراكش بعض القضاة البارزين من أهل الأندلس أمثال أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن بقي بن مخلد قاضي القضاة بالمغرب وهو من أهل قرطبة، وغيره (٥٤٦). وهذا يعود إلى تفوق القضاة الأندلسيين في الفقه المالكي، وفي ممارسة الأحكام وتطبيقها (٥٤٧).

٢ - عانت الأندلس خلال حكم الموحدين من خطر الممالك الإسبانية، ودارت رحى الحرب بين الطرفين على أراضيها، وقد شارك الكثير من قضاة الأندلس خلال هذه الفترة في معارك الجهاد أمثال القاضي محمد بن حسن صاحب الصلاة الذي استشهد في وقعة العقاب عام ٦٠٩ هـ، وكذلك القاضي إبراهيم بن أحمد الأنصاري الذي استشهد في جزيرة ميورقة عام ٦٢٧ هـ عندما هاجمتها الأساطيل الأوروبية والإسبانية، والقاضي أبو الربيع سليمان بن موسى الحميري الكلاعي الذي استشهد عام ٦٣٤ هـ في معركة أنيشة قرب بلنسية (٥٤٨).

٣ - في هذه الفترة التي شهدت ثورات ابن هود وابن غانية على الموحدين. فإن هؤلاء الأمراء اهتموا بالقضاء وولوه خيرة القضاة في مناطق نفوذهم. فالأمير محمد بن يوسف بن هود عهد بقضاء مالقة إلى القاضي محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن النباهي، وكذلك ولّى قضاء قرطبة للقاضي ربيع بن عبد الرحمن الأشعري (٥٤٩) أما الأمير


(٥٤٥) ينظر، ابن الآبار، التكملة، ترجمة رقم ١٦١٦، ورقم ١٧١٩.
(٥٤٦) النباهي، المرقبة العليا، ص ١١٧.
(٥٤٧) عنان، عصر الموحدين، ص ٦٢٨.
(٥٤٨) ينظر، النباهي، المرقبة العليا، ص ١١٥، ص ١١٧، ص ١١٩.
(٥٤٩) النباهي، المرقبة العليا، ص ١١٢، ص ١١٨.

<<  <   >  >>