للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصناعية الراقية بالإضافة إلى منتجاتهم الزراعية التي لا توجد بالمغرب، وكذلك ما يرد من الأندلس إلى المشرق كان يصرف عموماً في الأسواق الأفريقية، ويحمل من ثم إلى هناك، كما هو حال بضاعة العبيد البيض (الصقالبة) الذين يشير إليهم ابن حوقل بقوله: " وجميع من على وجه الأرض من الصقالبة الخصيان فمن جلب الأندلس " (٥٩٧). أما أهم الأشياء التي كانت تأتي من المغرب إلى الأندلس هي الحبوب والفستق (من مدينة قفصة) وكذلك العبيد السود يؤتى بهم إلى الأندلس وإلى سائر بلاد الإسلام، لأن سوق تجمعهم كان في مدينة زويلة أقصى جنوب ليبيا (٥٩٨).

وكانت حركة النقل التجارية ناشطة جداً بين الأندلس وشواطئ المغرب، وبصورة خاصة شواطئ المغرب الأوسط والأقصى الممتدة من بجاية حتى سبتة لأنها مقابلة للمراسي الأندلسية. وكانت دول الخوارج في المغرب تُنظم حركة التجارة مع الأندلس خلال هذه الفترة، وبالذات الدولة الرستمية في الجزائر، والدولة المدرارية في سجلماسة (٥٩٩). ونظراً لهذا النشاط التجاري وجدت جاليات أندلسية أقامت في مدن المغرب الساحلية إما بصورة مؤقتة، كما هو الحال في مدينة أصيلة، حيث كانت تقام سوق جامعة ثلاث مرات في السنة: في عاشوراء والعيدين، أو بصورة دائمة ويختلطون مع سكان المغرب وكانوا يلتمسون حمايتهم مقابل حصة معينة من الأرباح أو كمية من المال، كما هو الحال في مدينة مليلة (٦٠٠).

وكثيراً ما تقوم الجاليات الأندلسية ببناء مدن جديدة بالاشتراك مع غيرها حيناً كما هو الحال في مدينة أصيلة، أو وحدها حيناً آخر كما هو الحال في مدن تنس (بين وهران والجزائر، التي أنشأها أهل البيرة وتدمير عام ٢٦٢ هـ ومدينة وهران التي أنشأها الأندلسيون البحريون عام ٢٩٠ هـ (٦٠١).

ويلاحظ أن غالبية المراكز الأندلسية، أقيمت على شواطئ المغرب الأوسط، وهو أمر يعود إلى قرب سواحله من الأندلس، وإلى الحماية التي وفرتها لهم الدولة الرستمية


(٥٩٧) صورة الأرض، ص ١٠٦.
(٥٩٨) ينظر، البكري، ص ١١ - بدر، دراسات، ج ١، ص ١٥٤.
(٥٩٩) ينظر، محمود إسماعيل، الخوارج في المغرب الإسلامي.
(٦٠٠) البكري، المصدر السابق، ص ٨٨ - ينظر، ليلى أحمد نجار، العلاقات بين المغرب والأندلس في عهد عبد الرحمن الناصر، ص ٤٩.
(٦٠١) ينظر، ابن حوقل، صورة الأرض، ص ٧٩ - البكري، المصدر السابق، ص ٦٢، ص ١١٢.

<<  <   >  >>