للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معروفة في البلاد منذ أربعة قرون، وذلك أن أحوال المناخ لم تتغير، كما إن البلاد لم تشهد أية ظاهرة طبيعية كبرى، ما عدا سنوات القحط والمجاعة والتي سرعان ما تزول.

٢ - إن المعادن والمنتوجات الصناعية الأخرى المذكورة في هذا المصدر كانت تستغل على نطاق واسع خلال فترة الطوائف وقبلها أي في عهد الإمارة والخلافة الأموية. وبالإضافة إلى ذلك شهد عصر الطوائف تشييد أفخم القصور وأجمل المنشآت، والتي كانت تتطلب استهلاك قسط وفير من الذهب والفضة والمواد الأخرى المستعملة في التزيين والزخرفة (٦٣٧).

ومع ذلك فقد اختص عصر الطوائف بازدهار الزراعة حيث شغف ملوك الطوائف بإنشاء الحدائق والبساتين. وقد ظهر في هذا العصر عدة من علماء النبات والزراعة ولا سيما في طليطلة وإشبيلية حيث كانت حدائق بني ذي النون وحدائق بني عباد تشغل مساحات واسعة وتتطلب عناية الخبراء. وكان من أشهر علماء النبات والفلاحة في طليطلة ابن وافد الذي أشرف على حدائق بني ذنون. وكذلك العالم أبو عبد الله بن بصال المشهور بتجاربه العلمية الناجحة من توليد الغراس، ومكافحة الآفات الزراعية، وخلف لنا كتابه المشهور الفلاحة. وعالم إشبيلية الزراعي أبو عمر أحمد بن محمد بن حجاج صاحب كتاب (المقنع)، وكذلك أبو عبد الله محمد بن مالك الطغنري من أهل غرناطة وتلميذ ابن بصال وصاحب كتاب (زهر البستان ونزهة الأذهان) (٦٣٨). وأما عن الصناعات في عصر الطوائف فقد كانت رائجة، ومن أشهرها صناعة الحديد والنحاس والزجاج والنسيج، وكانت صناعة النسيج على الأخص من أهم الصناعات في أيام الطوائف، وكان بمدينة المرية وحدها خمسة آلاف منسج، تنتج أفخم وأجمل أنواع الأقمشة (٦٣٩). وكانت دول الطوائف ذات الثغور مثل إشبيلية والمرية وبلنسية ودانية وسرقسطة تجني من التجارة الخارجية أرباحاً كبيرة (٦٤٠).

ومما يدلل على وفرة خيرات الأندلس ونشاط تجارتها خلال هذه الفترة أن أمير دانية والجزائر الشرقية علي بن مجاهد العامري بعث مركباً كبيراً محملاً بالمؤن والأطعمة


(٦٣٧) محمد بن عبود، التاريخ السياسي، ص ١٦٦ - ١٦٧.
(٦٣٨) ينظر، عنان، دول الطوائف، ص ٤٤١ - ٤٤٢.
(٦٣٩) ينظر أبو الفضل، تاريخ مدينة المرية، ص ٢٠٩ وما بعدها.
(٦٤٠) عنان، دولة الطوائف، ص ٤٤٢.

<<  <   >  >>