للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوه جديدة لجمع الأموال. فقام عبد المؤمن عام ٥٥٤ هـ بمسح بلاد المغرب من برقة إلى السوس الأقصى، وأسقط مقدار الثلث من مساحتها -مقابل الجبال والأنهار والطرقات- وفرض الخراج على الأراضي الصالحة للزرع، وألزم كل قبيلة أن تؤدي قسطها من الزرع والمال (٦٦٩). ومن جهة أخرى، فإن الدولة الموحدية كانت إلى جانب ما يدخل خزائنها من غنائم وأموال المصادرات، إلا أنها لم تحجم عن فرض الضرائب والمكوس على مختلف أنواع المعاملات من البيع والشراء، والصادر والوارد، إضافة إلى ما كانت تستولي عليه من أموال اليهود والمسيحيين الذين بقوا في أراضي الدولة، ولا سيما خلال حركات الاضطهاد والمطاردة (٦٧٠).

وكان من الإجراءات المالية الهامة التي قامت بها الخلافة الموحدية مضاعفة وزن الدينار الموحدي، وكان له أثره في تحسين الأمور الاقتصادية وتوفير الثقة في التعامل الاقتصادي (٦٧١).

واستمرت العلاقات الاقتصادية بين المغرب والأندلس قائمة، وقد تمثل ذلك في نشاط التبادل التجاري. فقد اشتهرت المرية وقرطبة بأسواقها وتصدر إلى المغرب الأخشاب والحبوب والمصنوعات والكتان. كما حملت المراكب من المغرب إلى الأندلس أنواع الغلات والحبوب والطعام وتعود بالتين والعنب والقطن وزيت الزيتون.

أما المنسوجات فكان أهل مراكش يستوردونها من بلنسية، ومما ساعد على النشاط التجاري، قيام المغرب الأقصى بدور الوسيط بين إقليم السودان في الجنوب والأندلس في الشمال، فكان التجار يحملون الذهب والصمغ إلى الأندلس، ثم يعودون بالمحاصيل الزراعية والمنتجات الصناعية إلى بلاد السودان (٦٧٢).

ومن مظاهر عناية الموحدين بالزراعة في الأندلس هو تنفيذ أوامر الخليفة عبد المؤمن باستصلاح أراضي جبل طارق، وغرسها بمختلف أنواع الفاكهة كالتين والعنب والتفاح والسفرجل والمشمش وغيرها. كذلك تم استصلاح أراضٍ واسعة في مدينة إشبيلية بناءً على أوامر الخليفة أبي يعقوب يوسف ثم غرسها بأشجار الزيتون، ثم عني


(٦٦٩) روض القرطاس، ص ١٢٩ - وطبعة أخرى، ص ١٩٨ - ١٩٩ - محمد ولد دادة، مفهوم الملك في المغرب، ص ١٦٧ - ١٦٨.
(٦٧٠) عنان، عصر الموحدين، ص ٦٢٦.
(٦٧١) جوليان، تاريخ أفريقيا الشمالية، ج ٢، ص ١٦٠.
(٦٧٢) أبو رميلة، علاقات، ص ٤٧٤.

<<  <   >  >>