للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العربية عندما اشترك في حملة صليبية بالمشرق عام (٤٩٥ - ٤٩٦ هـ) وأقام مدة بالشام، كما اشترك مع ألفونسو المحارب في معركة قتندة في الأندلس عام ٥١٤ هـ، ويعد هذا أول شاعر في اللغات الأوروبية الحديثة، وقد بقي من شعره إحدى عشرة قصيدة (٤٣).

كما أن سقوط طليطلة بيد الإسبان عام ٤٧٨ هـ هيأ لكثير من الفرنسيين الاتصال بمسلمي الأندلس والتأثر بهم، كما لم ينقطع في الوقت نفسه تدفق البعوث الدينية وقوافل التجار بين طليطلة والمقاطعات الفرنسية، كل هذه الأسباب جعلت التروبادور الفرنسي أسبق ظهوراً من قرينه الإسباني (٤٤). كما أن فكرة الحب النبيل التي تسود الغزل في الشعر البروفنسالي، تعود بالأصل إلى ابن حزم الذي عرضها في كتابه طوق الحمامة في الألفة والألاف، وهو ما يسمى بالحب العذري (٤٥).

كذلك نجد تأثير القصص العربية على نشأة الأدب القصصي في أوروبا، ولقد قام (بدرو ألفونسو) بترجمة ثلاثين قصة من العربية إلى اللاتينية تحت عنوان (تعليم العلماء) ذكر فيها قصة المرأة التي خانت زوجها الغائب، والذي عاد فجأة فأنقذتها أمها من هذه الورطة بأسلوب ماكر، وقد انتشرت هذه القصة في الأدب الأوروبي (٤٦). ومن ناحية أخرى أثرت كليلة ودمنة في الأدب بعد أن ترجمت في عصر ألفونسو الحكم حوالي عام ١٢٥٠ م إلى الإسبانية، كما ترجمت بعض القصص التي تسربت من ألف ليلة وليلة إلى الأندلس، ومنها حكاية (الجارية تودد) التي ترجمت إلى الإسبانية في القرن الثالث عشر، وأثرت بعد ذلك في إنتاجات كبار أدباء المسرح الإسباني. وبذلك احتل كتاب ألف ليلة وليلة مكانة مهمة في تاريخ الأدب الأوروبي بما يصوره عن الشرق الغامض والساحر، الشرق الذي يزخر بالسحرة والجن، والذي يزخر بالكنوز الرائعة والمغامرات المذهلة، وبذلك أصبحت الصورة نصف الخيالية عن الشرق كما أظهرها الكتاب مجسمة إلى حد كبير في الأدب الأوروبي (٤٧). وضمن هذا المجال، نرى دخول كلمات عربية إلى اللغات الأوروبية المختلفة، فقد دخل بعض هذه الكلمات مباشرة من العربية، ودخل بعضها عن طريق اللغة الإسبانية أو اللاتينية التي كانت لغة العلم والأدب في تلك


(٤٣) السامرائي، علاقات، ص ٤٤١ - عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٤.
(٤٤) بروفنسال، الإسلام في المغرب والأندلس، ص ٢٠٦، ص ٣٠٢ - سعد شلبي، دراسات أدبية، ص ١١٨.
(٤٥) عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٥ - ١٦.
(٤٦) السامرائي، دراسات، ص ٤٠٦.
(٤٧) لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٢٧ - ١٣٨ - عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٦.

<<  <   >  >>