للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يومئذ مؤلفات تشرح هذه الفكرة غير المؤلفات العربية (٣٩).

وإلى جانب كل هذا تأثرت الجامعات الأوروبية ببعض تقاليد الجامعات العربية وبخاصة التي كانت موجودة بالأندلس. فقد قلدتها في لبس الأردية الخاصة بالأساتذة، وقلدتها في تخصيص أروقة للطلاب حسب جنسياتهم تسهيلاً لاستيعابهم في الجامعة، وقلدتها في منح الإجازات (إجازة التدريس). وقد أكد بعض علماء أوروبا أن كلمة (بكالوريوس اللاتينية) ليست إلا تحريفاً للعبارة العربية (بحق الرواية) والتي تعني الحق في التعليم بإذن من الأستاذ. ولا تزال جامعة كمبردج تحتفظ بإجازة جامعية عربية مبكرة تعود إلى عام ١١٤٧ م فيها عبارة بحق الرواية، بينما لم تظهر كلمة بكالوريوس في الإجازات الأوروبية قبل عام ١٢٢١ م (٤٠).

- أما في مجال الأدب، فقد كان للأدب الأندلسي، وبخاصة الشعر، أثر كبير في نشأة الشعر الأوروبي الحديث في إسبانيا وجنوبي فرنسا، ويأتي تأثير الزجل والموشح بالدرجة الأولى، كما يروي المستشرق الإسباني (خليان ريبيرا) الذي درس موسيقى الأغاني الإسبانية ودواوين شعراء التروبادور، وهم الشعراء الجوالة في العصور الوسطى بأوروبا، والمنيسنجر، وهم شعراء الغرام. كما أثبت انتقال بحور الشعر الأندلسي فضلاً عن الموسيقى العربية إلى أوروبا (٤١). وشعر التروبادور يعود إلى أصل عربي، وذلك لوجود أوجه شبه لفظية موسيقية بين ما شاع بأوروبا، وبين ما عرف عن الزجل الأندلسي، وكذلك من حيث المضمون حيث شاع في هذا النوع من الشعر بعض مضامين الشعر العربي وهي التي يطلق عليها حب المروءة الذي شاع في أوروبا، وانتشر في إسبانيا بفضل ابن حزم عن طريق كتابه (طوق الحمامة) (٤٢). وقد انتفع شعراء جنوبي فرنسا في القرن الحادي عشر الميلادي من الشعر الأندلسي، حيث وجد شبهٌ بين شعراء التروبادور وبين ابن قزمان الشاعر الأندلسي. وأما سبب ظهور هذا النوع من الشعر في فرنسا قبل إسبانيا فيعود إلى أن جيوم التاسع أحد رواد التروبادور ودوق أكيتانيا تعلم


(٣٩) ينظر: زكريا هاشم، فضل الحضارة الإسلامية، ص ٥٤٥ - عبد المنعم ماجد، تاريخ الحضارة الإسلامية، ص ٢٨٨ - العقاد، " نصيب العرب من حضارة العالم " مجلة العربي العدد ٤ (الكويت: ١٩٥٨)، ص ٣٣.
(٤٠) لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٣١ - ١٣٢ - ينظر، غازي محمد الحاجم، " دور المسلمين في تقدم الطب " مجلة التربية الإسلامية، العدد الأول لسنة ١٩٧٧، ص ٣٧.
(٤١) محمد كرد علي، الإسلام والحضارة العربية، ج ١، ص ٢٤٦ - عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٤.
(٤٢) ينظر، حيدر بامات، مجالي الإسلام، ص ٣٠٤ - سعد شلبي، دراسات أدبية، ص ١١٥.

<<  <   >  >>