للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على يد معلم عربي في شمال أفريقية، وأصدر كتاباً يشرح فيه نظام الأرقام العربية عام ١٢٠٢ م وكان ذلك بداية تبني أوروبا للأرقام العربية (٣٤). وترجمت كذلك كتب الخوارزمي (كتاب الجبر والمقابلة) وكتاب أقليدس في الهندسة (الترجمة العربية) إلى اللغة اللاتينية واستفادت منها أوروبا كثيراً (٣٥).

- وفي مجال علم الفلك، فقد قام مجموعة من المترجمين الأوروبيين بنقل كتب علم الفلك العربية إلى اللغة اللاتينية، ومثال على ذلك، ترجمة زيج (الجداول) البتاني (توفي عام ٣١٧ هـ) إلى الإسبانية بناء على رغبة الملك ألفونسو العاشر ملك قشتالة (١٢٥٢ - ١٢٨٤ م) وسمي هذا الزيج (بالجداول الألفنسية) الذي شاع استعماله في أوروبا لعدة قرون (٣٦).

أما الألواح الفلكية للخوارزمي، فقد ترجمها إلى اللاتينية أدلارد الباثي عام ١١٢٦ م، ومؤلفات أبي معشر البلخي (توفي عام ٨٨٦ هـ) نقلها إلى اللاتينية (خوان الإشبيلي)، ومن خلالها نقل إلى الأوروبيين تفسيراً لظاهرة المد والجزر وارتباطها بالقمر (٣٧).

ونتيجة اهتمامات العرب الفلكية عرفوا موقع النجم الثابت في الجنوب (سهيل) ويسمى أيضاً غيوم ماجلان، حيث استعان به ماجلان أثناء رحلته حول العالم (١٥١٩ - ١٥٢٢). ومن علماء العرب في الفلك الذين ذكروا هذا النجم عبد الرحمن الصوفي (توفي عام ٣٧٦ هـ) في كتابه الكواكب الثابتة، وبهذا قدموا خدمة كبيرة لأوروبا في مجال الاستكشافات الجغرافية (٣٨). وإذا كان وصول العرب إلى القارة الأمريكية قبل كولمبس أمراً غير مقطوع به، فمن المحقق أنهم وصلوا في المحيط الأطلسي (بحر الظلمات) إلى أمد بعيد وانتهوا إلى بعض جزائره. أما الأمر الذي لا شك فيه أن الفكرة التي نهضت بكولمبس مكتشف القارة الأمريكية (١٤٩٢ - ١٤٩٣ م) إنما هي فكرة عملية مستمدة من المؤلفات العربية وبخاصة كتب الجغرافية والفلك. فلولا اقتناع كولمبس باستدارة الأرض لما خطر له أن يصل إلى الهند من طريق الغرب، ولم تكن في أوروبا


(٣٤) لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٢٥.
(٣٥) عز الدين فراج، فضل علماء المسلمين، ص ١٦٨، ص ١٧٧.
(٣٦) جلال مظهر، حضارة الإسلام، ص ٥٣٠ - لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٢٦ - حسني أحمد، الحضارة العربية، ص ٩٣.
(٣٧) عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٩.
(٣٨) السامرائي، دراسات، ص ٥٤٠٣.

<<  <   >  >>