للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمسيحية على أن عقبة كان من أحد كبار القادة المسلمين الذين قادوا الحملات في شمال إسبانيا وجنوب فرنسا. ففي إسبانيا، كما أسلفنا، أخضع معظم المناطق القلقة في الشمال والشمال الغربي، مثل بنبلونة وجليقية والأشتوريش، حيث هاجم بلاي وأتباعه. ثم استأنف الفتوح الإسلامية فيما وراء جبال ألبرت. ونتيجة لنشاط عقبة أصبحت أربونة من أهم القواعد الإسلامية في جنوب فرنسا. وفي ولايته قام العرب المستقرين في لانجدوك بتحصين كل المواقع، التي كانت تدعى الرُبط، جمع رباط، حتى ضفاف نهر الرون Rhone (٥٢) . ومع هذا، فإن زمام المبادرة في هذا المجال لم يكن لعقبة، بل لعامله على أربونة، يوسف بن عبد الرحمن الفهري، الذي سيصبح فيما بعد الوالي الأخير للأندلس. فقد تحالف مع بعض الحكام والأمراء في سبتمانية، وبروفانس. وقد فضل هؤلاء الذين كانوا يخشون كلاّ من شارل مارتل، ودوق أكيتانية، مساعدة المسلمين للسيطرة على ولاياتهم ووضعها تحت الحماية الإسلامية. وكان من ضمن هؤلاء الزعماء، الدوق ماورنت Mauronte، الذي امتدت سلطته على جميع بروفانس، وكان يلقب بدوق مرسيلية Duke of Marseilles (٥٣) .

لقد كان عقبة بن الحجاج متحمساً للأخذ بثأر هزيمة المسلمين في بلاط الشهداء، وتثبيت أقدام الدولة العربية وراء جبال البرتات. من أجل نشر الإسلام، وإغناء بيت المال. وتشير المصادر العربية إلى رغبة عقبة الشديدة في هداية سكان المناطق المفتوحة إلى اعتناق الإسلام، فتروي هذه المصادر، أنه كان من عادته التي لا يتخلى عنها حينما يأسر أسيراً أن يعرض عليه الإسلام. وبهذه الطريقة أسلم على يديه خلق كبير من المسيحيين (٥٤).

ابتدأ عقبة نشاطه في الفتوح بأن اتخذ مدينة سرقسطة في الشمال الشرقي، قاعدة عسكرية له، حيث نظم قواته هناك (٥٥). ويحتمل أنه بدأ من هذا المكان بمساعدة عامله على أربونة وإمداده بالجنود. وفي سنة ١١٧هـ/ ٧٣٥ م عبر الأخير نهر الرون، ودخل المناطق التابعة لمدينة آرل، ثم توغل بعد ذلك في قلب ولاية بروفانس، وافتتح مدينة


(٥٢) المقري، ج ٣، ص ١٩؛ انظر أيضاً: ابن عذاري، ج ٢، ص ٢٩؛ (تاريخ غزوات العرب، ص ١٠٥).
Reinaud, op. cit., p. ٤٠٧.
(٥٣) ( تاريخ غزوات العرب، ص ١٠٤) Ibid., p. ٤٠٥.
(٥٤) ابن عذاري، ج ٢، ص ٢٩؛ المقري، ج ٣، ص ١٩.
(٥٥) The Chronicle of ٧٥٤, p. ١٥٧ (no. ٦١) .

<<  <   >  >>