للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(مقولة بعض الحاضرين: أهجر) ينبغي علينا أولاً أن نعلم أن الرواية لم تحدد من قال هذه الكلمة، فلعله أحد المنافقين الحاضرين، أو صحابي استفسر مستفهماً عن صحة... النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد مقولته عن الكتابة فقال: هل يقع منه الهجر كما يقع من أحدنا؟ فاختصر كل هذا القول بكلمة واحد، أو لعلها من استفهام القائل: كيف لا نأتي بالكتف والدواة؟! أيُظن أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يهجر بالكلام ويقول بالهذيان كغيره! لأنه ربما اختلط عليه سماع كلام... النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وذلك لبحَّة في صوته أو غلبة اليبس بالحرارة على لسانه، مثلما يقع في الحميات الحارة، وقد ثبت بإجماع أهل السير أن نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - كانت فيه بحة صوت عارضة له في مرض موته - صلى الله عليه وآله وسلم -.

وعليه فالسبل التي يمكن أن توجه فيها هذه الكلمة كثيرة، ومن أراد فعليه الرجوع إلى كتب اللغة العربية ليستوضح دلالات هذه الكلمة، فليس هناك من يعرف على وجه الدقة من كان موجودا في ذلك الموقف قرب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس، ويجب ألا يستغرب القارئ من كثرة هذه التعليلات تجاه هذه الكلمة، لأن من قيلت أمامهم هذه الكلمة لم ينكروها أو يذموا قائلها.

(رفض عمر الامتثال لأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -) كيف يظن بعمر - رضي الله عنه - أنه يرفض طلباً يسيراً للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهو الذي لم يبخل بشيء طوال مرافقته للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؟

وأما قول عمر بن الخطاب للصحابة: (قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله) فيمكن أن يوجه كالتالي:

أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أراد من الصحابة أن لا يجهدوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالكلام وكثرة الأسئلة، وهو في المرض الشديد، شفقة عليه، وهذا ما يبينه قوله: (وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله) أي إن الله أكمل دينه وبيّن شرائعه في قوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}

<<  <   >  >>