للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما في قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ}.

والذي يظهر أنما أراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يكتبه هو من باب الإرشاد والإصلاح والتذكير وليس بالأمر الجديد الواجب تبليغه للأمة، إذ لو كانت الكتابة واجبة لألزم الصحابة بما يريد كتابته، ولكان حاله مثل حال الكتاب الذي سطّره أمير المؤمنين علي في صلح الحديبية حيث ألزمه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بما أراد كتابته عند عقد الصلح مع قريش.

ويمكن القول إنه لو فهم أهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن هناك أمراً واجباً لا مناص منه لحرصوا على تدوينه وكتابته... لكنهم فهموا أن المراد هو التأكيد على أمور سبق للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بيانها للأمة مثل التمسك بالتوحيد والصلاة.

ومن خلال ما سبق، يتبين لنا أنه لو كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مأموراً بتبليغ شيء واجب بالنص لا غنى للأمة عنه، لبلغه في جميع الأحوال امتثالاً لقوله تعالى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: ٦٧] كما أنه ليس من عادته ترك التبليغ مراعات لخواطر الناس في بداية الدعوة، فكيف يترك ذلك في آخر حياته، وبعد أن مكن الله له وصارت الكلمة تنتهي إليه، فدل تركه - صلى الله عليه وآله وسلم - للكتابة على أنها لم تكن واجبة عليه، بل هو أمر محمول على الندب والتذكير لا على الوجوب والتشريع وقد عاش - صلى الله عليه وآله وسلم - أربعة أيام بعد ذلك، ولم يأمرهم بإعادة الكتابة.

خامساً: لابد للمسلم أن يُطهِّر قلبه من الحقد والبغض تجاه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأن يحبهم كما كان هدي الأئمة - عليهم السلام -، ونقول له: إن التبس عليك أمر في حق الصحابة - رضي الله عنهم - أو غيرهم، فالتمس لهم العذر، كما ثبت عن الأئمة - عليهم السلام - أنهم قالوا: (احمل أخاك المؤمن على سبعين محملاً من الخير.. الحديث). وقولهم - عليهم السلام - (كذّب سمعك وبصرك عن أخيك).

وما روي في الكافي عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: قال أمير... المؤمنين - عليه السلام - في كلام له: (ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن

<<  <   >  >>