للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتعلق بوراثة المال، وإنما ذكر السيادة والصلاح والنبوة، وهذا ما يبتغيه زكريا - عليه السلام -.

المبحث الثاني: قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: ١٦]

أخبر الله تعالى عمّا خصَّ به نبيه سليمان - عليه السلام - من ميراث للنبوة والملك من أبيه... داود - عليه السلام - دون بقية أبنائه تفضلاً منه سبحانه وتعالى.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: أي: ورث علمه ونبوته فانضم علم أبيه إلى علمه، فلعله تعلم من أبيه ما عنده من العلم مع ما كان عليه من العلم وقت أبيه (١).

وقال الشيخ محمد السبزواري النجفي: أي ورث الملك والنبوة بأن قام مقامه دون سائر بنيه وهم تسعة عشر (٢).

هذا هو السياق الذي تدل عليه الآية، وتفسيرها على غير هذا الوجه كالقول بأن المراد وراثة مال مخالف لما تضمنته الآية من حكمة في اختصاص نبي الله سليمان - عليه السلام - دون سائر إخوته، كما أنها مخالفة للوقائع التاريخية وتصطدم بالإشكالات التالية:

١ - من المعلوم تاريخياً أن نبي الله داود - عليه السلام - له الكثير من الزوجات والجواري، وله العديد من الأبناء، فهل من العدل أن يرث داود - عليه السلام - واحدٌ من أبنائه فقط؟!

٢ - مما يؤيد أنَّ ميراث سليمان لداود عليهما السلام كان ميراث نبوة وملك، أنه لو كان متعلقاً بالمال لكان من الطبيعي أن يشترك فيه جميع الأخوة، ولما خُصَّ به سليمان من بين أبناء داود، ثم ما الفائدة من ذكر هذا الميراث الدنيوي في كتاب الله على سبيل الإخبار؟! لأنه من الطبيعي أن الولد يرث والده! فأين البلاغة أو الحكمة من ذكر شيء معلوم حدوثه ووقوعه


(١) تيسير الكريم المنان: (١/ ٦٠٢).
(٢) تفسير الجديد، وانظر: تفسير معين (سورة النمل: ١٦).

<<  <   >  >>