للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكننا أن نقول: إن هذه المقولة أبعد ما تكون عن الصحة، وعلى فرض التسليم بصحتها فلنا أن نتساءل: لماذا قاتل أمير المؤمنين - عليه السلام - يوم الجمل طلحة وأم المؤمنين عائشة لما خرجوا إلى الكوفة - وكان هو في مكة - ثم قاتل بعد ذلك جيش معاوية في صفين، وكذلك في النهروان قاتل الخوارج؟! ولم وقع منه كل هذا القتال وسفك الدماء أليس في تلك الفعال دلالة منه على نبذ وصية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعدم تفريق جماعة المسلمين؟!

لكن الصحيح الذي يتسق مع مجريات الواقع أن علياً لم يأمره أحد بعدم المقاتلة إن وقع عليه ظلمٌ أو انتهكت حرمات الله، ومن ذلك ما يُدَّعى من وقوع ظلم على زوجه الكريمة وأنه لم ينتصر لها، وهذه الرواية قبل أن يتلفظ بها لسان مسلم عليه أن يتذكر حال أمير المؤمنين وغيرتَه على دين الله، ثم على أهله، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد) (١).

وعن الإمام الصادق - عليه السلام - أنه قال: (من قُتِل دون مظلمته فهو شهيد) (٢)، فهل هذا المعتقد خافٍ عن أمير المؤمنين وفارس الشجعان؟!

وحذار أن يتلفظ مسلم عاقل بكلام يكون عليه لا له، وليس فيه نصرة لأهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ذلك أن من يدعي أن علياً قاتل جيش طلحة، ومن بعده أهل صفين نصرة لقضية الإمامة فلِمَ كان بعيداً عن نصرة أهل بيته حين ضربوا حتى كادوا أن يموتوا؟!

إن هذا الأمر يأنف منه ضعفاء البشر فضلاً عن فضلائهم وأصحاب المكانة.

رابعا: يستطيع كل صاحب فتنة -لا يتقيد بالروايات الصحيحة- أن يروي روايات بلا أسانيد صحيحة، لمجرد وجودها وانتشارها في بعض الكتب التاريخية أو الأدبية، ويؤمن بها


(١) صحيح البخاري: (٣/ ١٣٦).
(٢) انظر الكافي: (٥/ ٥٢)، تهذيب الأحكام: (٦/ ١٦٧)، وسائل الشيعة: (١٥/ ١٢١).

<<  <   >  >>