الأولى: أن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - جاء لمالك بن نويرة وقومه، فقال لهم: أين زكاة الأموال؟ ما لكم فرقتم بين الصلاة والزكاة؟
فقال مالك بن نويرة: إن هذا المال كنا ندفعه لصاحبكم في حياته، فمات، فما بال أبي بكر؟ فغضب خالد بن الوليد وقال: أهو صاحبنا وليس بصاحبك؟ فأمر ضرار بن الأزور أن يضرب عنقه.
وقيل: إن مالك بن نويرة قد تابع سجاح التي ادعت النبوة.
وهناك رواية ثالثة وهي: أن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - لما كلم قوم مالك بن نويرة، وزجرهم عن هذا الأمر وأسَرَ منهم من أسر، قال لأحد حراسه: أدفئوا أسراكم؟ وكانت ليلة شاتية وكان من لغة ثقيف (أدفئوا الرجل) تعني: اقتلوه، فظن الحارس أن خالداً - رضي الله عنه - يريد القتل فقتلهم وفق فهمه بدون أمر خالد بن الوليد - رضي الله عنه -.
ولو تمسكنا بأي رواية مما سبق، فإن كان الخطأ قد وقع من خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة، فإن العذر يلحقه من باب قتله لمانع للزكاة، أو لمتابعة لسجاح الكذابة، أو أنه كان متأولاً، وهذا التأويل ليس بمسوغ لإقامة الحد والقصاص على خالد - رضي الله عنه -. ومثل ما وقع فيه خالد - رضي الله عنه - من خطأ، فإنه قد حدث مثله مع الصحابي الجليل أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -، حينما تأول في قتل الرجل الذي قال: لا إله إلا الله، ولم يوجب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه دية أو كفارة.
قال القمي في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[النساء: ٩٤]: إنها نزلت لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من غزوة خيبر، وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام، وكان رجل من اليهود يقال له: مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - جمع أهله وماله، وصار في ناحية