للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فماذا سنقول ونرد لو قال لنا أحد المستشرقين الحاقدين: إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد نظر إلى امرأة زيد بن حارثة وهي تغتسل وأعجب بها، وطلقها من زوجها حتى تحل له.

قال الرضا - عليه السلام -: (إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قصد دار زيد بن حارثه بن شراحيل الكلبي في أمر أراده فرأى امرأته تغتسل فقال لها: سبحان الذي خلقك! وانما أراد بذلك تنزيه الباري عز وجل عن قول من زعم إن الملائكة بنات الله، فقال الله عز وجل: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)} [الإسراء: ٤٠] فقال النبي: لما رآها تغتسل: سبحان الذي خلقك أن يتخذ له ولداً يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال، فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقوله لها: سبحان الذي خلقك! فلم يعلم زيد ما أراد بذلك، وظن أنه قال ذلك لما أعجبه من حسنها، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال له: يا رسول الله! إن امرأتي في خلقها سوء، وإني أريد طلاقها! فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: أمسك عليك زوجك واتق الله.

وقد كان الله عز وجل عرفه عدد أزواجه وأن تلك المرأة منهن فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد وخشى الناس أن يقولوا: إن محمداً يقول لمولاه: إن امرأتك ستكون لي زوجة، يعيبونه بذلك، فأنزل الله عز وجل: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧] يعنى بالإسلام، {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} يعني بالعتق، {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: ٣٧] ثم إن زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه، فزوجها الله عز وجل من نبيه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وأنزل بذلك قرآنا، فقال عز وجل: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧)} [الأحزاب: ٣٧]) (١).


(١) عيون أخبار الرضا: (١/ ٢٠٣)، الاحتجاج: (٢/ ٤٣١)، بحار الأنوار: (٢٢/ ٢١٦).

<<  <   >  >>