للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها، جزاءا لهم، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته. (١)

وقال أمين الدين أبو علي الطبرسي:

(إنما سميت بيعة الرضوان بهذه الآية، (لأنهم) (٢) بايعوا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي شجرة السَّمُرة {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} من صدق النية في القتال والصبر والوفاء، وكان عددهم ألفاً وخمسمائة أو وثلاثمائة {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} والضمير للمؤمنين، والسكينة هي اللطف المقوي لقلوبهم كالطمأنينة {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨)} يعني: فتح خيبر (٣).

وقال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠)} [الحديد: ١٠].

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:

المراد بالفتح هنا هو فتح الحديبية، حين جرى من الصلح بين الرسول وبين قريش مما هو أعظم الفتوحات التي حصل بها نشر الإسلام، واختلاط المسلمين بالكافرين، والدعوة إلى الدين من غير معارض، فدخل الناس من ذلك الوقت في دين الله أفواجا، واعتز الإسلام عزا عظيما، وكان المسلمون قبل هذا الفتح لا يقدرون على الدعوة إلى الدين في غير البقعة التي أسلم أهلها، كالمدينة وتوابعها، وكان من أسلم من أهل مكة وغيرها من ديار المشركين يؤذى ويخاف، فلذلك كان من أسلم قبل الفتح وأنفق وقاتل، أعظم درجة وأجرا وثوابا ممن لم يسلم


(١) تيسير الكريم المنان: (١/ ٧٩٣).
(٢) لأنهم: زيادة ليتضح المعنى.
(٣) تفسير جامع الجوامع، وانظر: مقتنيات الدرر، تقريب القرآن (سورة الفتح: ١٨).

<<  <   >  >>