تهيأ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في رجب لغزو الروم، وكتب إلى قبائل العرب ممن دخل في الإسلام وبعث إليهم الرسل يرغبهم في الجهاد والغزو... فلما تهيأ للخروج قام خطيباً فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ورغب في المواساة وتقوية الضعيف والإنفاق، فكان أول من أنفق فيها عثمان بن عفان، جاء بأواني من فضة فصبها في حجر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فجهز ناساً من أهل الضعف، وهو الذي يقال: إنه جهز جيش العسرة وقدم العباس على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فأنفق نفقة حسنة وجهز وسارع فيها الأنصار وأنفق عبد الرحمن والزبير وطلحة، وأنفق ناس من المنافقين رياء وسمعة (١).
فكل ما سبق من الآيات والروايات الباهرة تدل دلالة واضحة على علو شأن أولئك الصحب الكرام الذين بذلوا كل شيء في نصرة دين الله سبحانه وتعالى، وإعلاءٍ لأمر... النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن تَتَبَّع أقوال العلماء المحبين لأهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الآنفة، ونظر بعين التعقل وبنور الإنصاف، استبان له فضل تلك العصبة المباركة ذات الأفعال المخلصة المستضيئة بنور النبوة من تمسكهم بسنة حبيبهم المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولهذا شهد لهم الثقلان بتلك المنزلة العالية.
(١) انظر إعلام الورى: (ص: ١٢١)، بحار الأنوار: (٢١/ ٢٤٤).