وقد أثبت الإمام الصادق - عليه السلام - عدالة أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على صدق ما يروونه في حديثهم للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فعن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: (ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب، ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان! قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - صدقوا على محمد أم كذبوا؟ قال: بل صدقوا، قال: قلت: فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب، ثم يجيبه بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها بعضاً)(١).
ولو جاء مدّعٍ وقوع كذب في الصحابة أو حدوث نفاق في قلوبهم لقيل له مباشرة: فأين الدليل الصريح على استثناء بعضهم من هذا الادعاء؟
٤ - أنه لا يلزم من إثبات العدالة للصحابة - رضي الله عنهم - إثبات العصمة لهم من الأخطاء فهم بشر يخطئون ويصيبون، وإن كانت أخطاؤهم مغمورة في بحور حسناتهم.
فلهم من السوابق والفضائل التي لن يلحقهم فيها أحد، فهم الذين نصروا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين اجتمع عليه العرب، وجاهدوا بأموالهم وأولادهم وأنفسهم، وقاتلوا آباءهم وإخوانهم وعشيرتهم، وبذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الله، وكانوا سبباً في نشر ووصول هذا الدين العظيم إلينا، فهذه - بإذن الله-توجب مغفرة ما صدر منهم، ولو كان من أعظم الذنوب ما لم يصل إلى الكفر، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩].