ثانياً: لا بد أن نعلم أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غير معصومين من الخطأ، والإسلام حفظهم من رذائل الجاهلية التي كانت متفشية في مجتمعاتهم.
فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - داعياً إلى توحيد الله بفعل الطيبات، وترك ما كانوا عليه من مفاسد، استجابوا له وآمنوا به اختياراً منهم، فَعَلَّمهم الله وَوَجَّههم إلى الخير والصلاح ونهاهم وحذرهم من المحرمات، فكان يناديهم في كتابه العزيز بقوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.
فالصحابة - رضي الله عنهم - قد تعلموا عن طريق الأخطاء الناتجة من بعضهم بسبب جهلهم بهذا الدين الجديد أو تأثرهم بالجاهلية، وهذا يشمل الصحابة من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كالعباس وحمزة وجعفر الطيار وغيرهم من الصحابة من غير أهل البيت.
وهذه الأوامر والنواهي والتحذيرات لم ولن تختص بأصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقط بل هي حجة على الأمم المتبعة لهدي المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ثالثاً: لنفترض جدلاً أننا وإن لم نفهم القرآن ونفقه تفسيره، ماذا سيكون جوابنا حينما يقول لنا أحد المستشرقين المتعصبين: إن نبي الإسلام محمد بن عبد الله يطيع الكفار والمنافقين مثلما جاء في القرآن: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١)} [الأحزاب: ١].
بل يدعي على ديننا فيقول: إن نبيكم يحلل ما حرمه الله فقط لإرضاء زوجاته، مثل ما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١)} [التحريم: ١]، أو أن نبيكم كان يريد أن يصلي على المنافقين ليترحم عليهم: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ