ما لولاة الأمور وما عليهم من حق الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضلّ الضالون، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: - فيا عباد الله - لقد جاء دين الإسلام إكرامًا للبشرية ورحمة بها، جاء ليرتب وينظم أمور الناس، مادية وروحية، ويقيمها على أسس إصلاحية وقواعد ثابتة، جاء ليبين للناس أسباب العطب فيجتنبوها وأسباب النجاة فيسلكوها.
وإن مما أوضحه وأبانه الإسلام علاقة الإنسان بربه، وعلاقة الإنسان بنبيه - صلى الله عليه وسلم - وعلاقته بأميره ورئيسه، يقول سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] والمراد بأولي الأمر كل من له ولاية شرعية، سواء كان الإمام العام، أو العالم الشرعي، أو الأمير، أو الرئيس الخاص بالإنسان.
عباد الله؛ إن الله جلّت قدرته قد أوجب لولاة الأمور الشرعيين بهذه الآية، وما في معناها، حقًا عظيمًا، بالقيام به تسعد الأمة الإسلامية، ويستتب لها الأمن، ويسود السلام، أوجبه من هو عالم بأسرار الكون، وطبائع البشر التي لا تصلح ولن تصلح بدون إمام أو مع إمام منازع؛ أوجبه حفاظًا على الحياة الاجتماعية، ورعاية وحماية لها من فوضى الجاهلين، وطيش المفسدين، «إن