[في إنكار بدعة الاحتفال بمناسبة مولد النبي عليه السلام]
في إنكار بدعة الاحتفال بمناسبة مولد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - الحمد لله الذي منَّ على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في خلقه وملكه سبحانه وتعالى عما يشركون. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه. المبعوث بالدين القويم أرسله رحمة للعالمين. وإمامًا للمتقين وحجة على الخلائق أجمعين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين تسليمًا كثيرا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله واعلموا أن أعظم نعمة أنعم الله بها على أهل الأرض بعثة محمد خاتم النبيين. بعثه على حين فترة من الرسل، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على أهل الأرض طاعته. فكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - دعوة أبيه إبراهيم حين قال:{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[البقرة: ١٢٩] وكان بشرى أخيه عيسى بن مريم حين قال: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦] وكان رؤيا أمه حين رأت في المنام قبل ولادته أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام. لقد تحققت فيه هذه الصفات الثلاث فكان إجابة لدعوة الخليل ومصداقًا لبشارة المسيح. وتعبيرًا لرؤيا أمه. فقد جعله الله سراجًا منيرًا استنارت به الأرض بعد ظلمتها. واهتدت به