ولئن كانت الصلوات هي الوظيفة الأولى للمساجد، فإنَّ الوظيفة الثانية هي تعليم الناس أمور دينهم، وإرشادهم إلى طاعة ربهم، واتباع رسولهم صلى الله عليه وسلم، ومن أبرز الوسائل في ذلك: خطبة الجمعة.
فمن دلائل العظمة والخلود والواقعية في التشريع الإسلامي: أن جعل الله للمسلمين منبرًا أسبوعيًا منتظمًا يتزودون منه بما يمسكهم بأصولهم، ويربطهم بعزائم الدين وأمهات المسائل.
والمنبر المعني هو: خطبة الجمعة.
إن هذه الخطبة أمر جليل الشأن، ينبغي فقهه على وجهه الصحيح، ابتغاء الاقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وابتغاء توسيع نطاق النفع العام.
فمن فقه خطبة الجمعة: التركيز على الأصول والثوابت والأركان، فقد «أخذت أم هشام بنت حارثة - رضي الله عنها - {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[ق: ١] عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من كثرة ما يقرأ هذه السورة على المنبر في خطبة الجمعة»(١) .
(١) حديث أم هشام بنت حارثة أخرجه مسلم (٨٧٣) في كتاب الجمعة، باب قراءة القرآن على المنبر في الخطبة.