الصبر وأقسامه الحمد لله الرب الرحيم الحكيم بما يقضيه في كل زمان، واللطيف بعباده حين تقلقهم الهموم والأحزان، الذي وعد الصابرين أجرهم بغير عد ولا حسبان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الديان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي صبر على أقدار الله وعلى طاعة الله وعلى إيذاء بني الإنسان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اتبعوا أثرهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد، فلا إيمان لمن لا صبر له، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاء خيرًا وأوسع من الصبر، وبه يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور، والصبر من مقام الأنبياء والمرسلين، وحلية الأصفياء المتقين، قال الله تعالى عن عباد الرحمن:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}[الفرقان: ٧٥] وقال عن أهل الجنة: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ - سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد: ٢٣ - ٢٤] والصبر ثلاثة أقسام صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله التي يجريها إما مما لا كسب للعباد فيه وإما مما يجريه الله على أيدي بعض العباد من الإيذاء والاعتداء.
فالصبر على طاعة الله أن يحبس الإنسان نفسه على العبادة ويؤديها كما أمره الله تعالى وأن لا يتضجر منها أو يتهاون بها أو يدعها فإن ذلك