وجوب إخلاص النية في الأعمال الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصًا له الدين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا. . .
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وألزموا الإخلاص لوجهه في أعمالكم وأقوالكم فقد روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» . فكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة إذا كان هذا العمل يفتقر إلى النية، والنية عند العلماء يراد بها معنيان - أحدهما تمييز العبادات عن العادات كتمييز الغسل عن الجنابة عن غسل التبرد والتنظف، وتمييز العبادات بعضها عن بعض كتمييز صلاة الظهر عن صلاة العصر، مثلًا وتمييز صيام رمضان عن صيام غيره - والمعنى الثاني للنية تمييز المقصود بالعمل هل هو لله وحده، أو لله ولغيره - وهذا هو محل الاهتمام ومناط السعادة والشقاوة والثواب والعقاب - فقد يعمل الاثنان عملًا واحدًا في الصورة ويكون تعبهما متساويًا، لكن أحدهما يثاب والآخر لا ثواب له أو يعاقب نظرًا لاختلاف المقاصد. قال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا - وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[الإسراء: ١٨ - ١٩]