وجوب تحكيم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم الحمد لله باعث الرسل بآياته، المبين الحلال من الحرام. . المتفضل على عباده بجزيل الإنعام. . الذي أحل لنا الطيبات وحرم الحرام على أيدي رسله وأنبيائه الكرام. . أحمده سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من النعم الجسام. . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس السلام. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أكرم من صلى وصام. وطاف بالبيت العتيق ووقف بالمشعر الحرام. . صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام عدد ما جلى النهار الظلام.
أما بعد: فيا عباد الله. . اعلموا رحمني الله وإياكم أن الدين مرجعه إلى الله سبحانه. . فهو الحاكم فيه وقد أرسل بالهدى. . فهو الإمام الأعظم الذي لا يقبل الله إيمان الناس حتى يعرضوا أمر الدين عليه ويرجعوا في التحكيم إليه. . كما قال جل وعلا:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥] وقال عز من قائل: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[الشورى: ١٠] فالله سبحانه وتعالى أقسم في كتابه العزيز بأنه لا يؤمن من لا يحكمه في كل ما تنازع فيه هو وغيره ثم يرضى بحكمه ولا يجد في نفسه حرجًا مما حكم به. . وأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار لنفسه شيئًا بعد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم. . إذا أمر فأمره حتم والله هو المتفرد بالخلق والاختيار من المخلوقات. . قال تعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}[القصص: ٦٨] فالطيب من كل شيء هو مختاره وأما خلقه فعام للنوعين وبهذا يُعلم عنوان السعادة للعبد وشقاوته. . فإن الطيب لا يناسبه إلا الطيب ولا يألف من الأعمال إلا طيبها. .