فهو يعبد الله وحده لا شريك له بعبادته ويؤثر مرضاته على هوى نفسه ويحسن إلى خلقه ما استطاع فيعاملهم. مما يحب أن يعاملوه به وله من الأخلاق أطيبها كالحلم والوقار والرحمة والصبر والوفاء وسهولة الجانب والصدق وسلامة الصدر من الغل والغش والحقد والحسد والتواضع لأهل الإيمان والعزة. . والغلظة على أعداء الله ولا يختار من المطاعم إلا أطيبها وهو الحلال الهني الذي يغذي به البدن والروح أحسن تغذية ولا يختار من الأصحاب إلا الطيبين ويكون مثواه طيبًا. . فهذا ممن قال الله فيهم {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النحل: ٣٢] فالله جعل الخبيثات للخبيثين. . والخبيثون للخبيثات. . والطيبات للطيبين. . والطيبون للطيبات. . فالكلمات والأعمال. . والنساء الطيبات لمناسبيها من الطيبين. . والكلمات والأعمال والنساء الخبيثات لمناسبيها من الخبيثين. . وجعل الخبيث بحذافيره في النار. . وجعل الطيب بحذافيره في الجنة. . وجعل الدور ثلاثًا دارًا أخلصت للطيبين، وهي حرام على غير الطيبين وهي الجنة، ودارا أخلصت للخبيثين والخبيثات ولا يدخلها إلا الخبيثون وهي النار، ودارًا امتزج فيها الطيب والخبيث وخلط بينهما وهي هذه الدنيا وبهذا الابتلاء والمحنة وهذا كله بموجب الحكمة الإلهية فإذا كان يوم المعاد ميز الله الخبيث من الطيب فجعل الطيب وأهله على حدة لا يخالطهم غيرهم. . وجعل الخبيث وأهله على حدة لا يخالطهم غيرهم. فعاد الأمر إلى دارين. . الجنة وهي دار الطيبين والنار وهي دار الخبيثين. . فأنشأ سبحانه وتعالى من أعمال الفريقين ثوابهم وعقابهم فجعل طيبات أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم هي عين نعيمهم ولذاتهم فأنشأ لهم منها أكمل أسباب النعيم والسرور وجعل خبيثات أقوال الآخرين وأعمالهم وأخلاقهم هي عين عذابهم وآلامهم فأنشأ لهم منها أعظم