التحذير من الشرك وأسبابه الحمد لله الذي لم يخلق الجن والإنس إلا ليعبدوه، ولا أسبغ عليهم نعمه إلا ليحمدوه، ولا أنزل عليهم كتبه وأرسل إليهم رسله إلا ليعرفوه. أحمده سبحانه حمد عبد يخاف منه ويرجوه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يسئل عما يفعل ويسأل خلقه عما فعلوه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي دعا أمته إلى التوحيد وأوصاهم بأن يخافوا الله ويتقوه، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وآله وأصحابه الذين آزروه ونصروه. وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى وراقبوه، وأطيعوا أمره ولا تعصوه. واعلموا أن الله ما خلقكم إلا لعبادته، ولا أمركم إلا بتوحيده وطاعته. والتوحيد إفراد الله بالعبادة، وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده فأولهم نوح عليه السلام أرسله الله إلى قومه لما وقعوا في الشرك والآثام. وغلوا في الصالحين فعبدوهم دون ذي الجلال والإكرام. وآخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمين. الذي كسر صور هؤلاء الصالحين وزهق به الباطل وجاء بالحق المبين. أرسله الله إلى أناس يتعبدون ويحجون ويتصدقون، ويذكرون الله كثيرًا لا يفترون. لكنهم جعلوا بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين عالم السر والجهر. يقولون نريد التقرب إلى الله، ولنا عنده يشفعون:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[يونس: ١٨] فبعث الله محمدًا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، يجدد لهم ما اندرس من دين أبيهم إبراهيم عليه السلام،