والكريهات، فقد فاز وأنجح واستولى على جميع الكمالات، من علم أنه فقير إلى ربه في كل أحواله كيف لا يتوكل عليه، ومن علم أنه عاجز مضطر إلى مولاه كيف لا يستعين به وينيب إليه، ومن تيقن أن الأمور كلها بيد الله كيف لا يطلبها ممن هي في يديه، ومن علم بسعة غناه وجوده كيف لا يلجأ في أموره كلها إليه، ومن استيقن أنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها كيف لا يطمئن قلبه إلى تدبيره، ومن علم أنه حكيم في كل ما قضاه كيف لا يرضى بتقديره، فيا أيها العبد المقبل على الخير إنك لن تناله إلا ببذل المجهود، والاستعانة والاعتماد على المعبود، ويا أيها المجاهد نفسه عن المعاصي والذنوب، إنه لا يتيسر لك تركها إلا بقوة الاعتصام بعلام الغيوب، فإنه من توكل عليه كفاه ومن استعان به واعتصم أصلح له دينه ودنياه، ومن أعجب بنفسه وانقطع قلبه عن ربه خاب وخسر أُولاه وأُخراه، فكم من ضعيف عاجز عن مصالحه قوي توكله على ربه فأعانه عليها، وكم من قوي اعتمد على قوته فخانته أحوج ما يكون إليها، ما ثم إلا عون الله وتوفيقه فهو عدة المؤمنين، ولا فلاح ولا سعادة إلا بعبادة الله والاستعانة به فهو المعبود حقًا وهو نعم المعين، {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[الممتحنة: ٤]{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[العنكبوت: ٦٠]
بارك الله لي ولكم (١) .
(١) انظر الفواكه الشهية لفضيلة العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ص٢١.