للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن أعظم تلكم الحقوق إقامة العدل بينهم، والإحسان بهم، وخفض الجناح لمؤمنهم؛ يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨] ويقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] ويقول: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٢١٥] كما أن من حق الرعية عليكم أن تحوطوهم بالنصح، وأن تسعوا بإخلاص وجد فيما يجلب لهم النفع، ويدرأ عنهم الضرر، وأن تتجنبوا كل ما يثير نفوس أفراد الرعية، ويعرضهم للحقد والمنازعة كالاستئثار بالمصالح، ومعاملتهم بالشدة والقسوة، وتكليفهم ما يعنتهم ويشق عليهم ونحو ذلكم، مما يسبب بغض الرعية للراعي، ويعرضه للمنازعة في الدنيا، وللعذاب الأليم في الآخرة. يقول صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري ومسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة» وفي رواية لمسلم: «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح، إلا لم يدخل معهم الجنة» .

وروي عن عائذ بن عمرو - رضى الله عنه - أنه دخل على عبيد الله ابن زياد، فقال: أي بني: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن شر الرعاة الحطمة، وإياك أن تكون منهم» والحطمة: هو الشديد الغليظ القاسي، قليل الرحمة والشفقة والحنان ويقول مستجاب الدعوة - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به» .

<<  <   >  >>