أي كان اليهود قبل مجيء الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يستنصرون به على أعدائهم ويقولون اللهم انصرنا بالنبي المبعوث آخر الزمان الذي نجد نعته في التوراة، فلما جاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يعرض نفسه على القبائل كعادته في موسم الحج وصادف نفرًا من الخزرج ففرحوا به وقالوا هذا النبي الذي توعدكم به يهود فلا يسبقوكم إليه، فآمنوا به وبايعوه وانصرفوا إلى قومهم بالمدينة فأخبروهم فآمن من آمن وقدموا في العام الثاني للحج وبايعوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عند العقبة على الإيمان به ومناصرته إذا هو هاجر إليهم فأذن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بعد ذلك لبعض أصحابه بالهجرة إلى المدينة ولما أراد أن يلحق بهم أراد المشركون منعه مخافة أن تقوى شوكته ويظهر دينه ويتغلب عليهم فاجتمعوا وتشاوروا في شأنه فاتفق رأيهم على قتله واجتمعوا عند بابه ينتظرون خروجه ليقتلوه فأخبر الله نبيه بمكيدتهم فأمر عليًا رضي الله عنه أن يبيت على فراشه فخرج من بينهم ولم يشعروا به وذهب إلى أبى بكر رضي الله عنه ووجده قد أعد راحلتين للسفر واستأجر دليلًا فخرجا من مكة متخفيين وذهبا إلى غار ثور ودخلاه واختفيا فيه ودفعا الراحلتين للدليل وواعداه أن يأتي بهما في وقت محدد، ولما علم المشركون بخروج الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وأن الذي على الفراش هو علي بن أبي طالب غضبوا غضبًا شديدًا ونفروا يلتمسون النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم - في كل وجه وجعلوا لمن يأتي به الأموال الطائلة، قال الله تعالى:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال: ٣٠] وأمر الله عنكبوتًا فنسجت على باب الغار وحمامة ففرخت فيه وعندما وصل المشركون إلى باب الغار وقفوا عليه حتى قال أبو بكر