فسبحان الله الملك الحق، فالإنسان إذا عرف أنه إنما كلف بشيء سبق وتقدم وفرض على الطوائف والأمم السابقة هان عليه الأمر وتشجع عليه بل، واجتهد ليكون أحسن في الأداء من غيره، ومنها: أنه تعالى هون عدة الشهر وثقلها عليهم بقوله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}[البقرة: ١٨٤] فهي تصام تباعًا وتنقضي سراعًا، وصدق الله العظيم، فما نسبة هذا الشهر - الذي لا يصام إلا نهاره - إلى العام الكامل الذي ينقضي في لذة مباحة ومتعة وراحة؟ ولكنها عطية الله الكريم ورحمة الله الرحيم. . ومنها أنه تعالى رخص للشيخ الكبير الهرم والمرأة الكبيرة الهرمة أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينًا إذا كانا يجدانه، لقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة: ١٨٤]" إنها ليست بمنسوخة، هي للكبير الذي لا يستطع الصوم ". رواه البخاري، ويلحق بهذا المعنى المريض الذي لا يرجى برؤه، كما يلحق به أيضًا الحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما أفطرتا وقضتا وإن خافتا على ولديهما قضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينًا، والإطعام في هذه الحالة على من تلزمه نفقة الولد. . ومنها: أنه تعالى جعل صيام الشهر موسمًا عالميًا للعبادة والذكر والتلاوة والورع والمغفرة ومضاعفة الأجور، يلتقي على صعيده كل المسلمين في جميع الأقطار، ومن جميع الأجناس، الفقير والغني، الجاهل والعالم، ففي كل بلد، وفي كل قرية وبادية، وفي كل قصر وكوخ: رمضان، فلا افتيات في الرأي ولا فوضى في الاختيار، وإنما الكل يصومون شهرًا واحدًا هو شهر رمضان، الذي أنزل فيه القرآن. ومنها: أنه تعالى أحل للمسلمين بعد غروب الشمس مباشرة النساء والأكل والشرب، سواء نام