فهي من أحط الأخلاق وأرذلها فما اتصف بها إلا لئيم يهتك الأستار وينشر الأسرار. دعوها فلطالما خربت بيوتا عامرة وفرقت أسرا مجتمعة وأزهقت أرواحا بريئة. تثبتوا إذا نقل إليكم النمام ما يجرح المشاعر أو يثيرها فإنه فاسق. والله سبحانه وتعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: ٦] وإياكم والانخداع بالوشاة والنمامين فإن من نم لكم نم عليكم، فالنمام خائن ولو كان صادقا، مستهين بالتعاليم السماوية التي ذمت وتوعدت كل هماز مشاء بنميم، ذمته وآذنته بأنه لا يدخل الجنة. يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لا يدخل الجنة نمام» ، رواه مسلم. وقال «ألا أخبركم بشراركم» ؟ «المشاؤون بالنميمة» ، الحديث، رواه أحمد.
وأما الغيبة فهي: ذكرك أخاك بما يكره سواء في خلقه أو خلقه في غيبته، سواء كان فيه، ما ذكرت أو لم يكن فيه، «سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغيبة فقال:" ذكرك أخاك بما يكره "، فقال: رجل أرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: " بأن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته» ، فاتقوا الله عباد الله ولا تلوثوا أخلاقكم بالغيبة فقد نهاكم الله تعالى عنها في قوله:{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[الحجرات: ١٢] ثم صور لكم بعد ذلك حالة المغتاب تصويرا بشعا تشمئز منه النفوس وتنفر منه الطباع البشرية فقال: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: ١٢] فهل تطيب نفس - يا عباد الله - ذات إباء ودين وشهامة أن تأكل لحما اجتمع فيه ثلاث صفات كل واحدة منهن في منتهى القبح والفظاعة، وهذه الثلاث هي: كونه لحم