صفات المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحمد لله الذي ألبس المتقين لباس التقوى، وزيّن المؤمنين بزينة الإيمان، وقال في كتابه:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[آل عمران: ١٦٤] فنحمده تعالى على ذلك وبعد:
إخوة الإيمان: أنبأنا كتاب الله عز وجل وهو أصدق الكتب بيانًا لأحوال الأمم وتواريخها، أن الناس كانوا قبل بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام في ضلال مبين وجهل عميق وعادات سيئة، يئدون البنات، ويحلون الميتات، ويعبدون الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويشنون الغارات للسلب والنهب فيفضي ذلك بهم بطبيعة الحال إلى إراقة الدماء بغير الحق ظلمات بعضها فوق بعض كل ذلك كان في زمن فترة من الرسل، وانقطاع الوحي من السماء، وكان إذ ذاك رجال عقلاء يرقبون أن تتبدل هذه الأحوال - التي نغصت عليهم عيشتهم - إلى خير منها، فتداركهم الله بلطفه ورحمته إذ أرسل فيهم رسول السلام وصفوته من الأنام سيدنا محمدًا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الكرام، فسعى هذا الرسول العظيم سعيه، وبذل جهده يدعوهم إلى الهدى وردهم عن الردى، يقودهم إلى العلم ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسوقهم إلى العمل ليستغنوا عن غارات السلب والنهب، ويحثهم على مكارم الأخلاق ليحيوا حياة طيبة، قال تعالى:{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[آل عمران: ١٦٤] وقال