هؤلاء الذين ورد في فضائلهم من الآيات والسنن ما يضيق عن الحصر، ويتجاوز العد. هؤلاء الصحابة الذين آمنوا بالله ورسوله، وعزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه.
هؤلاء هم أفضل خلق الله بعد أنبياء الله، وهم أكرم خلق الله على الله بعد أنبيائه ورسله. هؤلاء الذين أكّد كتاب الله، وأكدت سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم صدقهم وعدالتهم وتقواهم، والتزامهم التام بكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولذلك فقد نوه بفضائلهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحذر من أن تجحد أو تنسى، وأوصى بهم كما أوصى بأهل بيته، فقال:«الله الله في أصحابي، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا، ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» ، وأمر عليه الصلاة والسلام بحبهم وتوقيرهم، والنظر إليهم نظرة إجلال وتقدير.
فلقد سمع خالد بن الوليد يومًا، وهو يتلاحى مع عبد الرحمن بن عوف، وتعلمون أن خالدًا رضي الله عنه كذلك من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكنه كان من المتأخرين في الإسلام، وليس من السابقين الأولين أما عبد الرحمن فقد كان من السابقين الأولين.
فحينما «سمع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالدًا يرفع صوته على عبد الرحمن، غضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: " هل أنتم تاركون لي أصحابي، لا تسبوا أصحابي فوالله لو أنفق أحدكم مثل أحد ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» فإذا كان الصحابي المتأخر لا يبلغ من الفضل مبلغ الصحابي المتقدم ويعتبر رفعه لصوته عليه، وعدم تأدبه