للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١] والسبب في نزول هذه الآية الكريمة أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله إنا نحب ربنا حبًا شديدًا. فأحب الله أن يجعل لحبه علمًا فأنزل تعالى هذه الآية، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار» فمن أحب الله ورسوله محبة صحيحة صادقة من قلبه أوجب له ذلك بقلبه أن يحب ما يحبه الله ورسوله ويكره ما يكرهه الله ورسوله وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض فإن عمل بجوارحه شيئًا يخالف ذلك دل على عدم محبته الواجبة فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه من ذلك ويرجع إلى تكميل المحبة الواجبة.

عباد الله: اعلموا أن جميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوى الإنسان ونفسه على محبة الله ورسوله وكذلك البدع كلها إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع الشريف فكذلك المعاصي إنما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصًا في إيمانه الواجب فيجب عليه التوبة من ذلك والرجوع إلى سنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضاء الله ورسوله على هوى النفس ومراداتها فيجب على كل مؤمن صادق الإيمان محبة الله ومحبة من يحبه من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين

<<  <   >  >>