أبيهم، فلما علمت بذلك حمدت الله، وقالت: الحمد لله الذي شرفني بموتهم، وتوفيت بعدهم - على ما قيل - بستة وعشرين عاما.
فسبحان من غير حالها! من بكاء ونياحة ودعوة جاهلية عاشتها ثلاثين عاما، إلى صبر وتجمل، وتجلد ويقين، وصبر واحتساب، ورجاء لما عند الكريم الجواد، سبحانه وتعالى، وهكذا الإيمان الحق إذا خلطت بشاشته القلوب غير أحوالها، وأصلح شأنها، وهذب نوازعها، وأزال عوارها، وسلك بها الصراط المستقيم.
فمن امرأة نائحة، تحث نفسها على البكاء ومواصلته، والمبالغة فيه، بما لا يزيد عليه - يصوره لنا شعرها، في مثل قولها في أخويها:
سأبكيهما - والله - ما حن واله ... وما أثبت الله الجبال الرواسيا
وقولها
فأقسمت لا ينفك دمعي وعولتي ... عليك بحزن ما دعا الله داعية
وقولها:
فأقسمت لا أنفك أحدر عبرة ... تجول بها العينان مني لتسجما