للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ، فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُشْرِكِ الْمُعَاهَدِ مَعْصُومٌ، وَأَنَّهُ لَا يُملك، بَلْ يُرد عَلَيْهِ، فإن المغيرة صحبهم على أمان، ثُمَّ غَدَرَ بِهِمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ فَلَمْ يَتَعَرَّضِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَمْوَالِهِمْ، وَلَا ذبَّ عنها، ولا ضمنها لهم، لأن ذلك قَبْلَ إِسْلَامِ المغيرة.

وَفِي قَوْلِ الصِّدِّيقِ لعروة بن مسعود: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّصْرِيحِ باسم العورة إذا كان فيه مصلحة، كما أمر أن يصرح لمن دعى بدعوى الْجَاهِلِيَّةِ بِهَنِ أَبِيهِ، وَيُقَالُ لَهُ: اعْضُضْ أَيْرَ أَبِيكَ وَلَا يُكَنِّى لَهُ، فَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ.

ومنها احتمال قلة أدب رسول الكفار للمصلحة، لأنه لم يقابل عروة على أخذه بلحيته.

ومنها طهارة النخامة، والماء المستعمل، واستحباب التفاؤل لقوله: سهل أمركم لما جاء سهيل، وأن مصالحة المشرك بما فيه ضيم جائز للمصلحة.

ومنها أن من حلف، أو نذر، أو وعد ولم يعين وقتا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ عَلَى التَّرَاخِي.

ومنها أن الحلق نُسُكٌ، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ، وَأَنَّهُ نُسُكٌ في العمرة كالحج، وأنه نسك في عمرة المحصر، كَمَا هُوَ نُسُكٌ فِي عُمْرَةِ غَيْرِهِ.

وَمِنْهَا أن المحصر ينحر هديه حيث أُحصر من الحل والحرم، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَاعِدَ مَنْ يَنْحَرُهُ فِي الْحَرَمِ إِذَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى مَحَلِّهِ لقوله: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: ٢٥] (١) ومنها أن الموضع الذي نحروا فيه من الحل للآية، لأن الحرم كله محل نحر الْهَدْيِ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْمُحْصَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ القضاء، وسميت التي بعدها عمرة القضية، لأنها التي قاضاهم عليها.

وَمِنْهَا أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِلَّا لم يغضب لتأخرهم عن الأمر. وَإِنَّمَا كَانَ تَأْخِيرُهُمْ مِنَ السَّعْيِ الْمَغْفُورِ لَا المشكور، وقد غفر الله لهم، وأوجب لهم الجنة.

وَمِنْهَا جَوَازُ صُلْحِ الْكُفَّارِ عَلَى رَدِّ مَنْ جاء منهم من المسلمين من الرجال لا النساء، فإنه لا يجوز وهو مَوْضِعُ النَّسْخِ خَاصَّةً فِي هَذَا الْعَقْدِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى دَعْوَى النَّسْخِ فِي غيره.

ومنها أن خروج البضع عن ملك الزوج متقوم، وأنه بالمسمى لا بمهر المثل.

ومنها أن شرط رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَى الْإِمَامِ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا إِلَى غير بلاد الإمام، وإذا جاء إلى بلد الإمام لا يجب رده بدون


(١) سورة الفتح، الآية: ٢٥
.

<<  <   >  >>