(ويل للمطففين) فقال في صلاته: " ويل لأبي فلان، له مكيلان إذا كال كال بالناقص، وإذا اكتال اكتال بالوافي "، ثم زودوا سباعا، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فكلم المسلمين فأشركوه وأصحابه في سهمانهم، ولما قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح، ثم ركب الْمُسْلِمُونَ فَخَرَجَ أَهْلُ خَيْبَرَ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، وَلَا يَشْعُرُونَ بَلْ خَرَجُوا لِأَرْضِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوُا الْجَيْشَ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، ثُمَّ رَجَعُوا هاربين إلى مدينتهم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قوم، فساء صباح المنذرين» .
ثم ذكر حديث إعطائه عَلِيًّا الراية، ومبارزته مرحبا، وذكر قصة عامر بن الأكوع، ثم حصرهم، فجهد المسلمون، فذبحوا الحمر فنهاهم، ثم صالحوه عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ ركابهم، وله الصفراء والبيضاء، واشترط أن من كتم أو غيب، فلا ذمة له وَلَا عَهْدَ، فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لحيي بن أخطب كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خيبر، ثم ذكر الحديث، فلما أراد إجلاءهم قالوا: دعنا فيها، فأعطاهم إياها على شطر ما يخرج منها ما بدا له أن يقرهم، ولم يقتل بعد الصلح إلا ابن أبي الحقيق الناكث.
وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفية، وكانت تحت ابن أبي الحقيق، وعرض عليها الإسلام، فأسلمت فأعتقها، وجعل عتقها صَداقها.
وقسم خيبر على ستة وثلاثين سهما، كل سهم مائة سهم، فكان له وللمسلمين النصف، والنصف الآخر لِنَوَائِبِهِ، وَمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، قال البيهقي: وهذه خَيْبَرَ فُتِحَ شَطْرُهَا عَنْوَةً وَشَطْرُهَا صُلْحًا، فَقَسَمَ ما فتح عنوة بين أهل الخميس وَالْغَانِمِينَ، وَعَزَلَ مَا فُتِحَ صُلْحًا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يحتاج إليه من أمور المسلمين، وهذا بناء منه على أصل مذهب الشافعي أنه يجب قسم الأرض المفتتحة عنوة.
ومن تأمل تبين أنها كلها عنوة، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، والإمام مخير في الأرض بين قسمها ووقفها، وقسم بعضها ووقف بعض، وقد فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ، فَقَسَمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَلَمْ يَقْسِمْ مَكَّةَ، وَقَسَمَ شَطْرَ خيبر، وترك شطرها، ولم يغب من أهل الحديبية إلا جابر فقسم له، وقدم عليه جعفر وأصحابه، ومعهم