المزهر, وهي جواز قلب اللغات. فإن قلنا: اصطلاحية جاز, وإلا فلا, وإطباق كثير من النحاة على أن المصحفات ليست بكلام ينبغي أن يكون من هذا الأصل, والله أعلم.
[الفائدة الرابعة]
إذا جرينا على مذهب الأشعري الذي هو المختار عند جمع من المحققين, وقلنا إن اللغات توقيفية, ففي الطريق إلى علمها وكيفية وصوله إلينا مذاهب, حكاها ابن الحاجب وغيره:
أحدها: بالوحي إلى بعض الأنبياء.
والثاني: بخلق الأصوات في بعض الأجسام تدل عليها, وإسماعها لمن عرفها ونقلها.
والثالث: بعلم ضروري خلقه في بعضهم, حصل له إفادة اللفظ للمعنى. قال ابن السبكي في رفع الحاجب: والظاهر من هذه هو الأول, لأنه المعتاد في تعليم الله تعالى لخلقه, والله أعلم.
[الفائدة الخامسة]
قال ابن جني في الخصائص: الصواب وهو رأي أبي الحسن الأخفش, سواء قلنا بالتوقيف أم بالاصطلاح, أن اللغة لم توضع كلها في وقت واحد, بل وقعت متلاحقة متتابعة, قال الأخفش: اختلاف لغات العرب إنما جاء من قبل أن أول ما وضع منها وضع على خلاف, وإن كان كله مسوقًا على صحة وقياس, ثم أحدثوا من بعد أشياء كثيرة للحاجة إليها, غير أنها على قياس ما كان وضع في الأصل مختلفًا. قال: ويجوز أن يكون الموضوع الأول ضربًا واحدًا, ثم الآن جاء بعد أن خالف قياس الأول إلى قياس ثان جار في الصحة