[وها هنا تنبيهات يحتاج إلى تحصيلها الهمم العالية, والقرائح النبيهات]
[[التنبيه] الأول]
لا خلاف بين العلماء في الاستدلال بالقرآن العظيم, والاحتجاج به في جميع الفنون العلمية على اختلافها وكثرتها, ولا سيما علوم اللسان: لغة وصرفًا ونحوًا وبيانًا بأنواع الثلاثة. وأما الحديث الشريف فاختلف فيه, فذهب إلى الاحتجاج به والاستدلال بألفاظه وتراكيبه جمع من الأئمة, منهم: شيخا هذه الصناعة وإماماها, الجمالان: ابنا مالك وهشام, والجوهري, وصاحب البدعي, والحريري, وابن سيده, وابن فارس, وابن خروف, وابن جني, وأبو محمد عبد الله بن بري, والسهيلي وغيرهم ممن يطول ذكره, وهو الذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه, إذ المتكلم به صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق على الإطلاق, وأبلغ من أعجزت فصاحته الفصحاء على جهة العموم والاستغراق, فالاحتجاج بكلامه عليه الصلاة والسلام الذي هو أفصح العبارات وأبلغ الكلام, مع تأييده بأسرار البلاغة ودلائل الإعجاز من الملك العلام أولى وأجدر من الاحتجاج بكلام الأعراب الأجلاف, بل لا ينبغي أن يلتفت في هذا المقام لمقال من جار عن الوفا, وإلى إجراء الخلاف, على أنا لا نعلم أحدًا من علماء العربية خالف في هذه المسألة إلا ما أبداه الشيخ أبو حيان في شرح التسهيل, وأبو الحسن بن الضائع في شرح الجمل, وتابعهما على ذلك الجلال السيوطي - رحمه الله - فأولع بنقل كلامهما, وألهج به في كتبه, واعتنى باستيفائه في كتاب الموسوم بـ «الاقتراح في علم أصول النحو» , وهو كتاب بديع في بابه, رتبه على ترتيب أصول الفقه في